للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا حَلَفَا وَكَانَ بَيْنَهُمَا

وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بَعْدَ الْحُكْمِ أُغْرِمَ مَا أَتْلَفَ بِشَهَادَتِهِ إنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

مَا قَالَ الْبَائِعُ» وَلِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا.

(ثُمَّ) إنْ حَلَفَ لَزِمَ الْبَيْعُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ أَوْ قَدْرِ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ.

(يَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ) السِّلْعَةَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ (أَوْ) أَيْ إنْ نَكَلَ الْبَائِعُ (يَحْلِفُ) أَيْ الْمُبْتَاعُ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ.

(وَيَبْرَأُ) مِمَّا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَحِينَئِذٍ لِكُلٍّ الْخِيَارُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِمَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ وَالْفَسْخِ لَكِنْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، فَلَوْ نَكَلَ الْمُبْتَاعُ أَيْضًا فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ أَيْضًا إنْ حُكِمَ بِهِ، وَلَا يَنْظُرُ لِشَبَهٍ وَلَا عَدَمِهِ وَلَا لِقِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوَاتِهَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ نَوْعِهِمَا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ، وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ مَعَ الْقِيَامِ وَقِيمَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا مَعَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ الْحَمِيلِ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَلَا يُنْظَرُ لِشَبَهٍ وَلَا عَدَمِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ فَوَاتِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ، فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا فَالْفَسْخُ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي قَدْرِهِ كَمَثْمُونِهِ أَوْ قَدْرِ أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ حَلَفَا وَفُسِخَ إنْ حُكِمَ بِهِ، وَيَكُونُ الْفَسْخُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْفَسْخِ، ثُمَّ قَالَ: وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ وَحَلَفَ إنْ فَاتَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفُسِخَ وَتُرَدُّ قِيمَةُ السِّلْعَةِ يَوْمَ فَوَاتِهَا، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْفَسْخَ فِي الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ نَوْعِهِ مُطْلَقٌ.

وَفِي الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِهِ أَوْ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَجَلِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ فَوَاتِ السِّلْعَةِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ، فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشَّبَهُ مِنْهُمَا فَالْفَسْخُ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُنْكِرِهِ إجْمَاعًا لَكِنْ بِيَمِينِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِي الْبَيْعِ مَالِكُ السِّلْعَةِ أَوْ مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهَا.

الثَّانِي: مِثْلُ الْمُتَبَايِعَيْنِ كُلُّ مُتَعَاقِدَيْنِ لِيَشْمَلَ الْمُتَكَارِيَيْنِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُتَعَاقِدِينَ لَكَانَ أَشْمَلَ.

(فُرُوعٌ) الْأَوَّلُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الْفَسَادِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ، كَادِّعَاءِ أَحَدِهِمَا صِحَّةَ الصَّرْفِ وَالْآخَرِ فَسَادَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فَسَادُ الصَّرْفِ وَمِثْلُهُ السَّلَمُ.

الْفَرْعُ الثَّانِي: إذَا اخْتَلَفَا فِي الْخِيَارِ وَالْبَتِّ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبَتِّ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ إلَّا لِعُرْفٍ بِالْخِيَارِ.

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ فَالْأَصْلُ الْبَقَاءُ إلَّا لِعُرْفٍ كَلَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ بَانَ بِهِ.

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِقَبْضِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى الْبَقَاءَ حَيْثُ فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَأَشْبَهَ مُدَّعِيهِ، وَأَمَّا مَعَ قِيَامِهَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ.

(وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَدَاعِيَانِ فِي شَيْءٍ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَادَّعَاهُ كُلٌّ لِنَفْسِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَحْبُوسٌ (بِأَيْدِيهِمَا) أَوْ لَا يَدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بِيَدِ ثَالِثٍ لَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُقَرِّبْهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْهُمَا.

(حَلَفَا وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَجَّحْ جَانِبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ اخْتَصَّ بِهِ الْحَالِفُ، وَمَفْهُومُ بِأَيْدِيهِمَا لَوْ كَانَ بِيَدِ ثَالِثٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ الْحَائِزُ وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا قَامَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَهُوَ بِيَدِ ثَالِثٍ لَمْ يَدَّعِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ يُقِرُّ الْحَائِزُ لَهُ لَكِنْ بِيَمِينِهِ، وَقَوْلُهُ: قُسِمَ بَيْنَهُمَا يُشْعِرُ بِقِسْمَتِهِ نِصْفَيْنِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ يَدَّعِي جَمِيعَهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ جَمِيعَهُ وَالْآخَرُ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَالْعَوْلِ، فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَكَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكُلِّ قَدْرُ الْكَسْرِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْآخَرُ، فَيُزَادُ عَلَى الْكُلِّ النِّصْفُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيُنْسَبُ ذَلِكَ لِمَجْمُوعِ الْكُلِّ وَالْكَسْرِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ، فَيَأْخُذُ مُدَّعِي النِّصْفِ الثُّلُثَ وَمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلُثَيْنِ، وَإِذَا ادَّعَى وَاحِدٌ الْكُلَّ وَوَاحِدٌ النِّصْفَ وَثَالِثٌ الثُّلُثَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَشْتَمِلُ عَلَى تِلْكَ الْمَخَارِجِ وَهُوَ سِتَّةٌ، فَإِنَّ لَهَا النِّصْفَ وَالثُّلُثَ فَتُجْعَلُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَيُزَادُ عَلَيْهَا مِثْلُ نِصْفِهَا وَثُلُثِهَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ، وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ اثْنَانِ وَهَكَذَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ بِقَرِينَةٍ لِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) أَيْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمَا مَعًا، أَوْ لَا يَدَ لِوَاحِدٍ حُدَّ عَلَيْهِ، أَوْ بَعِيدٌ ثَالِثٌ لَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْهُمَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَالَةِ (قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) مَعَ يَمِينِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الزَّائِدَةُ فِي الْعَدَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ إلَى الْآنَ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ مُرِيدَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ، وَكَمَا يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا يُقْضَى بِالْمُؤَرَّخَةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَبِالسَّابِقَةِ تَارِيخًا عَلَى غَيْرِهَا، وَبِالنَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ، وَبِالْمُثْبِتَةِ عَلَى النَّافِيَةِ، وَبِالدَّاخِلَةِ عَلَى الْخَارِجَةِ، وَالْمُرَادُ بِالدَّاخِلَةِ بَيِّنَةُ وَاضِعِ الْيَدِ وَالْخَارِجَةِ بَيِّنَةُ غَيْرِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَعْدَلِهِمَا أَنَّهُ يُقْضَى لِمُقِيمِ الْعَادِلَةِ دُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>