للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ وَلَا يُؤَدِّي أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ثَمَنًا وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَرَاجُعٌ لَمْ يَجُزْ الْقَسْمُ إلَّا بِتَرَاضٍ

وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ

ــ

[الفواكه الدواني]

أَلْ عِوَضًا عَنْ الضَّمِيرِ مَذْهَبٌ كُوفِيٌّ.

[شُرُوط الْقِسْمَة]

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقِسْمَةِ الْقُرْعَةِ بِقَوْلِهِ: (وَقِسْمَةُ الْقُرْعَةِ) وَتَقَدَّمَ حَدُّهَا (لَا تَكُونُ) أَيْ لَا تَصْلُحُ (إلَّا فِي صِنْفٍ) أَيْ نَوْعٍ (وَاحِدٍ) ؛ لِأَنَّهَا. لَيْسَتْ بَيْعًا عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ تَمْيِيزُ حَقٍّ، فَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ، وَلَا يُجْمَعُ فِيهَا حَظُّ اثْنَيْنِ وَتُرَدُّ بِالْغَبْنِ، وَلِذَلِكَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّعْدِيلِ وَالتَّقْوِيمِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي دُخُولِهَا الْمِثْلِيَّاتِ وَهِيَ: الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْمَعْدُودَاتُ الْمُتَّفِقَةُ الصِّفَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ الَّذِي أَتَى بِهِ الشَّبِيبِيُّ، وَعَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ عَدَمُ جَوَازِ الْقُرْعَةِ فِيهَا وَإِنَّمَا تُقْسَمُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَاهُ لِلْبَاجِيِّ الْجَوَازُ كَالْمُقَوَّمَاتِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ فِيهِ إنْ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ أَوْ الْعَرْضِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّقْوِيمِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مِسَاحَتِهِ إنْ كَانَ عَقَارًا، وَلَا عَدَدِهِ إنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقَسْمُ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ بِالْقِيمَةِ، وَأَفْرَدَ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَقْسُومِ، فَلَا تُجْمَعُ الدُّورُ مَعَ الْحَوَائِطِ، وَلَا أَنْوَاعُ الثِّمَارِ إلَى بَعْضِهَا، بَلْ كُلُّ نَوْعٍ يُقْسَمُ عَلَى حِدَتِهِ إنْ احْتَمَلَ الْقَسْمَ، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ فَفِي الثِّمَارِ يُضَمُّ مَا لَا يُحْتَمَلُ إلَى غَيْرِهِ.

وَفِي نَحْوِ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ يُبَاعُ مَا لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ مِنْ الْأَنْوَاعِ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ وَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَأَنْوَاعِ الثِّمَارِ، أَنَّ الْعَقَارَ وَالْحَيَوَانَ تُقْصَدُ ذَاتُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِ مَا لَا يُحْتَمَلُ قَسْمُهُ عَلَى انْفِرَادِهِ بِخِلَافِ الثِّمَارِ.

(وَ) مِنْ شُرُوطِ قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ أَنْ (لَا يُؤَدِّيَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ثَمَنًا) لِشَرِيكِهِ لِزِيَادَةٍ فِي سَهْمِهِ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَكُ فِيهِ ثَوْبَيْنِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي دِينَارَيْنِ وَالْآخَرُ يُسَاوِي دِينَارًا وَاقْتَرَعَا عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ الَّذِي يُسَاوِي الدِّينَارَيْنِ يَدْفَعُ نِصْفَ دِينَارٍ لِيَحْصُلَ التَّعَادُلُ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِ قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ فِي صِنْفَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ أَوْ فِيهِ تَرَاجُعٌ: إلَّا أَنْ يَقِلَّ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَلَوْ قَلَّ مَا بِهِ التَّرَاجُعُ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ) الْفِعْلِ الَّذِي دَخَلَا عَلَيْهِ (تَرَاجُعٌ لَمْ يَجُزْ الْقَسْمُ) بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (إلَّا بِتَرَاضٍ) مِنْهُمَا فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ يَجُوزُ دُخُولُهَا فِي الْجِنْسَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا يَقَعُ بَيْنَ الْعَوَامّ مِنْ الْفِصَالِ وَهُوَ قَسْمُ الْمَوَاشِي مِنْ جَعْلِ نَحْوِ الْبَقَرَةِ قِسْمًا وَبِنْتِهَا مَعَ بَعْضِ دَرَاهِمَ قِسْمًا آخَرَ وَيَدْخُلَانِ عَلَى الْقُرْعَةِ فَاسِدٌ، وَإِنْ اسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ بِالشَّيْءِ الْقَلِيلِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا بِالْمُرَاضَاةِ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَنْتَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ الصَّغِيرَةِ وَتَأْخُذُ كَذَا أَوْ الْكَبِيرَةِ وَتَدْفَعُ كَذَا مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ فَيَجُوزُ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِقَوْلِهِ: وَأَنْ لَا يُؤَدِّيَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ثَمَنًا عَنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَرَاجُعٌ لَمْ يَجُزْ الْقَسْمُ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَصَدَ الْمُصَنِّفُ تَفْسِيرَ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَظْهَرُ فِي بَيَانِ الْحُكْمِ.

الثَّانِي: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ صِفَةَ قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ وَهِيَ أَنْ يُعَدَّلَ الْمَقْسُومُ وَيُجَزَّأَ عَلَى حَسَبِ أَدَقِّهِمْ نَصِيبًا، فَإِذَا كَانَتْ دَارُ الثَّلَاثَةِ لِأَحَدِهِمْ سُدُسُهَا وَلِآخَرَ نِصْفُهَا فَإِنَّهَا تُعْمَلُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ تُكْتَبُ أَسْمَاءُ الشُّرَكَاءِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ وَتُوضَعُ فِي شَمْعٍ أَوْ طِينٍ ثُمَّ تُرْمَى وَاحِدَةٌ عَلَى سَهْمٍ مُتَطَرِّفٍ وَتُفْتَحُ، فَإِذَا شُهِرَتْ لِصَاحِبِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَمَا يَلِيهِ، ثُمَّ تُرْمَى أُخْرَى وَتُفْتَحُ فَإِذَا ظَهَرَتْ لِصَاحِبِ السُّدُسِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَهَكَذَا.

وَلِلْقُرْعَةِ صِفَةٌ أُخْرَى: أَنْ تُكْتَبَ أَسْمَاءُ الْجِهَاتِ فِي أَوْرَاقٍ بِعَدَدِ الْأَجْزَاءِ وَيُعْطَى لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَرَقَةٌ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَفِي هَذِهِ قَدْ تَحْصُلُ التَّفْرِقَةُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِ الْمُصَنِّفِ وَالثُّلُثِ.

قَالَ خَلِيلٌ مُشِيرًا لِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ: وَكَتَبَ الشُّرَكَاءُ ثُمَّ رَمَى أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومُ وَأَعْطَى كُلًّا لِكُلٍّ.

(فُرُوعٌ) أَوَّلُهَا: الَّذِي يُعَدِّلُ الْمَقْسُومَ هُوَ الْقَاسِمُ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ.

وَثَانِيهَا: يَجُوزُ لِلْقَاسِمِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الشُّرَكَاءِ الرُّشَدَاءِ.

ثَالِثُهَا: الْأُجْرَةُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ لَا عَلَى الرُّءُوسِ.

(تَتِمَّةٌ) إذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ كَانَتْ لَازِمَةً لَا تُنْقَضُ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ غَبْنٌ حَيْثُ كَانَتْ مُرَاضَاةً وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَعْدِيلٌ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ وَهُوَ لَا يُرَدُّ بِالْغَبْنِ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ، وَأَمَّا قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ فَتُنْقَضُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ رَاضِيًا، وَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ عِنْدَ اطِّلَاعِهِ، وَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْغَبْنُ لَا يُنْقَضُ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ مُنْكِرُهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَنُظِرَ فِي دَعْوَى جَوْرٍ وَغَلَطٍ وَحَلِفِ الْمُسْكِرِ، فَإِنْ تَفَاحَشَ أَوْ ثَبَتَ نُقِضَتْ كَالْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوَّمًا أَوْ وَقَعَتْ بَعْدَ تَعْدِيلٍ، وَهَذَا فِي الْمَرْأَةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْقُرْعَةِ، وَأَمَّا لَوْ انْضَمَّ لَهَا قُرْعَةً كَعَبْدَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ وَتَكُونُ فَاسِدَةً إذَا عَلِمَا بِالتَّفَاوُتِ وَتُرَدُّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْغَبْنِ، لَا إنْ ظَنَّا التَّسَاوِي؛ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ وَلَهُ الْقِيَامُ فِيهَا بِالْغَبْنِ كَالْقِيَامِ.

[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسَائِلِ الْقِسْمَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَهَا فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ وَصَيْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إذَا وَصَلْته بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ كَأَنَّهُ وَصَلَ تَصَرُّفَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>