للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاَلَّذِينَ لِلْأَبِ فَمَنَعُوهُ بِهِمْ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ ثُمَّ كَانُوا أَحَقَّ مِنْهُمْ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَدِّ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَلَهَا أَخٌ لِأَبٍ أَوْ أُخْتٌ لِأَبٍ أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَتَأْخُذُ نِصْفَهَا مِمَّا حَصَلَ وَتُسَلِّمُ مَا بَقِيَ إلَيْهِمْ وَلَا يُرْبَى لِلْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ إلَّا فِي الْغَرَّاءِ وَحْدَهَا وَسَنَذْكُرُهَا بَعْدَ هَذَا

وَيَرِثُ الْمَوْلَى الْأَعْلَى إذَا انْفَرَدَ جَمِيعَ الْمَالِ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَهْلُ

ــ

[الفواكه الدواني]

إرْثِ الْجَدِّ قَالَ عُمَرُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَحِمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ فَلْيَقْضِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ، وَكَانَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ يَقُولَانِ: دَعُونَا مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِ وَتَفَاصِيلِهَا.

(وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ مَعَهُ) أَيْ الْجَدِّ (فِي عَدَمِ الشَّقَائِقِ كَالشَّقَائِقِ) فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَلَهُ الْمُقَاسَمَةُ وَأَخْذُ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ صَاحِبِ الْفَرْضِ، وَعِنْدَ صَاحِبِ الْفَرْضِ لَهُ الْأَوْفَرُ مِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ الْمُقَاسَمَةُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَهُوَ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ إلَّا فِي الْحِمَارِيَّةِ وَالْمُشْتَرِكَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَادِلُ الشَّقِيقَ لِسُقُوطِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَاصِبٌ، وَالشَّقِيقُ يَرِثُهُ بِالْفَرْضِ بِوِلَادَةِ الْأُمِّ.

[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ وَيُقَالُ لَهُ بَابُ الْعَادَةِ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ الْأَشِقَّاءُ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ (عَادَّهُ الشَّقَائِقُ بِاَلَّذِينَ لِلْأَبِ) أَيْ حَاسَبَ الشَّقَائِقُ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَأَدْخَلُوهُمْ فِي عِدَادِهِمْ (فَمَنَعُوهُ بِهِمْ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ ثُمَّ) بَعْدَ مَنْعِ الْجَدِّ مِنْ أَوْفَرِ حَظَّيْهِ بِسَبَبِ عَدِّ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ (كَانُوا) أَيْ الْأَشِقَّاءُ (أَحَقَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَخِ لِلْأَبِ، الْمَفْهُومُ مِنْ الْجَمْعِ السَّابِقِ وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ التَّعْبِيرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ (بِذَلِكَ) أَيْ الَّذِي أَخَذَهُ الْأَخُ لِلْأَبِ، مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَتْرُكَ الْمَيِّتُ جَدًّا وَأَخًا شَقِيقًا وَأَخًا لِأَبٍ، فَإِنَّ الشَّقِيقَ بَعْدَ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى الْجَدِّ لِيَأْخُذَ الْجَدُّ الثُّلُثَ بِالْمُقَاسَمَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الشَّقِيقُ فَيَأْخُذُ سَهْمَ الْأَخِ لِلْأَبِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَخِ الشَّقِيقِ أُخْتٌ لِأَبٍ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ مِنْ خَمْسَةٍ: لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَخُ عَلَى الْأُخْتِ فَيَأْخُذُ مَا بِيَدِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَعَادَ الشَّقِيقُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ رَجَعَ كَالشَّقِيقَةِ بِمَالِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ وَلِذَلِكَ قَالَ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَدِّ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَلَهَا أَخٌ لِأَبٍ أَوْ) لَهَا (أَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَتَأْخُذُ) تِلْكَ الشَّقِيقَةُ (نِصْفَهَا مِمَّا حَصَلَ) لَهَا وَلِلْأَخِ لِلْأَبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً، وَلِذَلِكَ قَالَ خَلِيلٌ: كَالشَّقِيقَةِ بِمَالِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ (وَ) بَعْدَ أَخْذِهَا نِصْفَهَا (تُسَلِّمُ مَا بَقِيَ إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ، وَمِثْلُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: جَدٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأَخٌ لِأَبٍ فَهِيَ مِنْ خَمْسٍ؛ لِأَنَّ مَا لَا فَرْضَ فِيهَا فَأَصْلُهَا عَدَدُ عَصَبَتِهَا، وَالْأَخَوَاتُ يُعَصِّبُهُنَّ الْجَدُّ، فَلِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِلْأَخِ مِثْلُهُ وَلِلْأُخْتِ وَاحِدٌ، ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ بِتَمَامِ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْخُذُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ وَلَا نِصْفَ لِلْخَمْسَةِ صَحِيحٌ، فَتُضْرَبُ فِي مَقَامِ النِّصْفِ يَحْصُلُ عَشَرَةٌ، فَتَأْخُذُ الشَّقِيقَةُ خَمْسَةً وَالْجَدُّ أَرْبَعَةً وَالْأَخُ لِلْأَبِ لَهُ السَّهْمُ الْبَاقِي؛ وَمِثَالُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يَبْقَ فِيهَا شَيْءٌ: جَدٌّ وَشَقِيقَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يُعَصِّبُ الْأَخَوَاتِ، ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الَّتِي لِلْأَبِ لِيَكْمُلَ لَهَا النِّصْفُ وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِ الَّتِي لِلْأَبِ شَيْءٌ.

وَمِثَالُ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ: جَدٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ مِنْ سِتَّةٍ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَكَذَلِكَ الْأَخُ وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ، ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ عَلَيْهِمَا بِتَمَامِ نِصْفِهَا فَتَأْخُذُ مِمَّا بِيَدِ الْأَخِ وَاحِدًا وَتَأْخُذُ مِنْ الْأُخْتِ السَّهْمَ الَّذِي بِيَدِهَا، ثُمَّ تَرْجِعُ الْأُخْتُ لِلْأَبِ عَلَى أَخِيهَا فَتُقَاسِمُهُ فِي السَّهْمِ الَّذِي بِيَدِهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا تَنْقَسِمُ، فَتُضْرَبُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ كُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِهَا اتَّخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ، وَلِذَا قَالَ خَلِيلٌ: ثُمَّ رَجَعَ كَالشَّقِيقَةِ بِمَالِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جَدٌّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ شَقِيقٌ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَهُ مَنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَبِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ شَقِيقٌ بَلْ شَقِيقَةٌ فَإِنَّهَا تَسْتَكْمِلُ نِصْفَهَا أَوْ الثُّلُثَيْنِ إنْ تَعَدَّدَتْ، وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَنْ وُجِدَ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَبِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ هُمَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ أَمْ لَا، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ عَادَتْ الْأَشِقَّاءُ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ حَجْبِهِمْ بِهِمْ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْأَشِقَّاءَ يَحْتَجُّونَ عَلَى الْجَدِّ بِإِرْثِهِمْ مَعَهُ لَوْ انْفَرَدُوا وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى حَجْبِهِمْ وَيَقُولُونَ لَهُ فَكَذَلِكَ لَا تَمْنَعُهُمْ مَعَ وُجُودِنَا، فَإِذَا أَخَذُوا مَعَ الشَّقِيقِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ، وَلَمَّا كَانَ إرْثُ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ بِالتَّعْصِيبِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُنَّ كَأَخٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَلَا يُرْبَى) أَيْ لَا يُفْرَضُ (لِلْأَخَوَاتِ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْجَدِّ وَإِنَّمَا يَرِثْنَ مَعَهُ بِالتَّعْصِيبِ (إلَّا فِي الْغَرَّاءِ) بِالْمَدِّ (وَحْدَهَا) وَيُقَالُ لَهَا الْأَكْدَرِيَّةُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ مَعَهُ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَالْغَرَّاءِ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إلَى الْمُقَاسَمَةِ (وَسَنَذْكُرُهَا) أَيْ صُورَتَهَا وَبَيَانَهَا (بَعْدَ هَذَا) آخِرَ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَنْ يَرِثُ بِالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ شَرَعَ فِيمَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ وَهُوَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُكْمَ الْعُصُوبَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» فَقَالَ: (وَيَرِثُ الْمَوْلَى الْأَعْلَى) وَهُوَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ (إذَا انْفَرَدَ) عَنْ وَارِثٍ لِلْمَيِّتِ سَوَاءٌ (جَمِيعَ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ الْعَاصِبَ بِالنَّفْسِ يَجُوزُ جَمْعُ الْمَالِ عِنْدَ انْفِرَادِهِ (رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً) وَأَمَّا الْأَسْفَلُ وَهُوَ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>