للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ تَخْفِيفٌ وَكَذَلِكَ جَمْعُهُ لِعِلَّةٍ بِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَرْفَقُ بِهِ،

وَالْفِطْرُ فِي السَّفَرِ رُخْصَةٌ وَالْإِقْصَارُ فِيهِ وَاجِبٌ،،

ــ

[الفواكه الدواني]

الْجَمِيعِ، فَحُكْمُهُ مُسْتَمِرٌّ إلَى الْآنِ لَمْ يُنْسَخْ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ الْقَرَافِيُّ بِمَا مُحَصَّلُهُ: فِعْلُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا وَاجِبٌ وَهَذَا الْجَمْعُ مَنْدُوبٌ وَكَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ. وَأُجِيبَ عَنْ إشْكَالِهِ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَإِيضَاحُ الْجَوَابِ أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ الْمُقَدَّمَةِ فِي وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ لَهَا غَيْرُ وَاجِبٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَالْإِشْكَالُ إنَّمَا كَانَ يُوجَدُ مَعَ بَقَاءِ الْوُجُوبِ فَافْهَمْ.

(وَالْجَمْعُ) بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعُ تَقْدِيمٍ (بِعَرَفَةَ وَ) كَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعُ تَأْخِيرٍ. (الْمُزْدَلِفَةِ) بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ عَرَفَةَ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي.

قَالَ خَلِيلٌ: وَجَمَعَ وَقَصَرَ إلَّا أَهْلَهَا كَمِنًى وَعَرَفَةَ، وَالضَّمِيرُ فِي وَجَمَعَ لِلْحَالِّ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَإِنْ عَجَزَ فَبَعْدَ الشَّفَقِ إنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ، وَصِفَةُ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَأَقَامَ لِلظُّهْرِ وَصَلَّاهَا، ثُمَّ يُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ وَيُقِيمُ لَهَا وَيُصَلِّيهَا، وَصِفَةُ الْجَمْعِ بِالْمُزْدَلِفَةِ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَحُطَّ رَحْلَهُ ثُمَّ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ، وَقِيلَ يَحُطُّ رَحْلَهُ ثُمَّ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ مُتَوَالِيَتَيْنِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: مَحَلُّ الْجَمْعِ إذَا وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ لِغَيْرِ عَجْزٍ، فَإِنْ وَقَفَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجْمَعُ لَا بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا وَإِنَّمَا يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، وَإِنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأَخَّرَ لِعَجْزٍ صَلَّاهُمَا مَجْمُوعَتَيْنِ بَعْدَ الشَّفَقِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: أَنْ يَقِفَ مَعَ الْإِمَامِ وَيَنْفِرَ مَعَهُ وَحُكْمُهَا وَاضِحٌ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقِفَ مَعَهُ وَيَتَأَخَّرَ لِعَجْزٍ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ بَعْدَ الشَّفَقِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ.

الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقِفَ مَعَ الْإِمَامِ وَيَتَأَخَّرَ عَنْهُ اخْتِيَارًا فَلَا يَجْمَعُ إلَّا بِالْمُزْدَلِفَةِ: الرَّابِعَةُ: أَنْ لَا يَقِفَ مَعَ الْإِمَامِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ لَا بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا.

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ لَا يُؤَذَّنُ فِيهِ لِأُولَى الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ ثَانِيَتِهِمَا وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ.

(وَجَمْعُ الْمُسَافِرِ) سَفَرًا مُبَاحًا فِي الْبَرِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. (فِي) حَالِ (جِدِّ السَّيْرِ) لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ (رُخْصَةٌ) مَرْجُوحٌ فِعْلُهَا إذْ الْأَوْلَى تَرْكُهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَرُخِّصَ لَهُ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ بِبَرٍّ وَإِنْ قَصَرَ وَلَمْ يَجِدْ بِلَا كُرْهٍ وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ بِمَنْهَلٍ زَالَتْ بِهِ وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَأَخَّرَ الْعَصْرَ وَبَعْدَهُ خُيِّرَ فِيهَا، وَإِنْ زَالَتْ رَاكِبًا أَخَّرَهُمَا إنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ أَوْ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَفِي وَقْتَيْهِمَا، وَحُكْمُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حُكْمُ الظُّهْرَيْنِ لَمَّا غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ أَوْ سَائِرٌ بِتَنْزِيلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ، وَالثُّلُثِ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ، وَمَا بَعْدَهُ لِلْفَجْرِ بِمَنْزِلَةِ الِاصْفِرَارِ سَوَاءٌ غَرَبَتْ عَلَيْهِ نَازِلًا أَوْ سَائِرًا، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ كَوْنِ الْمُسَافِرِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ سَائِرًا عَلَى رَجُلَيْهِ أَوْ رَاكِبًا دَابَّةً، وَأَمَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَوْ اللَّاهِي أَوْ الْمُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ فَلَا يَجْمَعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَجَمْعُ الْمَرِيضِ) الَّذِي (يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (عَلَى عَقْلِهِ) عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمُشْتَرَكَيْنِ (تَخْفِيفٌ) أَيْ مُرَخَّصٌ فِيهِ لَهُ بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ فِي وَقْتِ الْأُولَى.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقَدَّمَ خَائِفُ الْإِغْمَاءِ وَالنَّاقِضِ وَالْمَيْدِ، وَإِذَا قَدَّمَ وَسَلَّمَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ الثَّانِيَةِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ جَمْعِ الْمُسَافِرِ وَلَا حُكْمُ جَمْعِ الْخَائِفِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ جَمْعَ الْمُسَافِرِ خِلَافُ الْأَفْضَلِ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، وَأَمَّا جَمْعُ الْخَائِفِ مِنْ نَحْوِ الْإِغْمَاءِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَمُسْتَحَبٌّ كَمَا بَيَّنَهُ شُرَّاحُ خَلِيلٍ.

الثَّانِي: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ حُكْمُ مَنْ خَافَ مِنْ الْمَوْتِ عِنْدَ الثَّانِيَةِ أَوْ خَافَتْ الْحَيْضَ وَقَالَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ: لَا يُشْرَعُ لَهُ الْجَمْعُ، وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ فُرُوقًا وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهَا، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عِنْدِي أَحْرَوِيَّةُ الْجَمْعِ لِمَا ذُكِرَ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَطْلُبُ الْجَمْعَ لِلْخَوْفِ مِمَّا لَا يُسْقِطُ الصَّلَاةَ غَالِبًا كَالْإِغْمَاءِ وَالْحُمَّى لِسُرْعَةِ زَوَالِهِ فَالْجَمْعُ لِلْمُسْقِطِ أَوْلَى وَحُرِّرَ الْحُكْمُ.

(وَكَذَلِكَ) يُرَخَّصُ وَيُخَفَّفُ (جَمْعُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ لِلظُّهْرِ مَعَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ مَعَ الْعِشَاءِ (لِعِلَّةٍ بِهِ) غَيْرِ مَا سَبَقَ كَحُصُولِ مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُ بِإِيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا (فَيَكُونُ ذَلِكَ أَرْفَقُ بِهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَكَالْمَبْطُونِ وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْوُضُوءِ أَوْ الْقِيَامِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ إذَا صَلَّاهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ، وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ إذَا صَلَّاهُمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا.

قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَقَالَ فِيهَا: وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ لِلْمَرِيضِ أَرْفَقُ بِهِ لِشِدَّةِ مَرَضٍ أَوْ بَطْنٍ مُنْخَرِقٍ مِنْ غَيْرِ مَخَافَةٍ عَلَى عَقْلٍ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ حَمَلَ جَمَاعَةٌ قَوْلَهَا وَسَطَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَهُوَ آخَرُ الْقَامَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ مَغِيبُ الشَّفَقِ، وَفَسَّرَهُ بَعْضٌ بِرُبْعِ الْقَامَةِ، وَقِيلَ يَجْمَعُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى وَهَذَا فِي الْمَبْطُونِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ لَا يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَضْبِطُ وَقْتَ إسْهَالِ بَطْنِهِ أَوْ مُلَازَمَةِ حَدَثِهِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى أَوْ تَأْخِيرَ الْأُولَى عِنْدَ الثَّانِيَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>