للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ مَدْرَجٌ عَلَى إدْرَاجِ السِّعَايَةِ بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى رَفْعِهِ فَإِنَّهُمَا فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ التَّصْحِيحِ. وَقَدْ رَوَى السِّعَايَةَ فِي الْحَدِيثِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ لِكَثْرَةِ مُلَازَمَتِهِ وَلِكَثْرَةِ أَخْذِهِ عَنْهُ مِنْ هَمَّامٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ كَانَ أَكْثَرَ مُلَازَمَةً لِقَتَادَةَ مِنْ هَمَّامٍ وَشُعْبَةَ وَمَا رَوَيَاهُ لَا يُنَافِي رِوَايَةَ سَعِيدٍ لِأَنَّهُمَا اقْتَصَرَا فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضِهِ وَأَمَّا إعْلَالُ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ بِأَنَّهُ اخْتَلَطَ فَمَرْدُودٌ لِأَنَّ رِوَايَتَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَبْلَ اخْتِلَاطٍ فَإِنَّهُ فِيهِمَا مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي سَعِيدٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ سَعِيدٍ كَانَتْ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ ثُمَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ لِمُتَابَعَتِهِ لَهُ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ التَّفَرُّدُ ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ غَيْرَهُمَا تَابَعَهُمَا ثُمَّ قَالَ اخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ كَأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ إنَّ شُعْبَةَ أَحْفَظُ النَّاسِ لِحَدِيثِ قَتَادَةَ فَكَيْفَ لَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِسْعَاءَ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ضَعْفًا لِأَنَّهُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَغَيْرُهُ سَاقَهُ بِتَمَامِهِ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ (قُلْت) وَبِهَذَا تُعْرَفُ الْمُجَازَفَةُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِسْعَاءِ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَبَعْدَ تَقَرُّرِ هَذَا لَك فَقَدْ عَرَفْت تَعَارُضَ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَلَا كَلَامَ فِي أَنَّهَا قَدْ رَوَيْت مَرْفُوعَةً وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِدْرَاجِ حَتَّى يَقُومَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ نَاهِضٌ. وَقَدْ تَقَاوَمَتْ الْأَدِلَّةُ هُنَا وَلَكِنَّهُ عَضَّدَ الْقَوْلَ بِرَفْعِ زِيَادَةِ السِّعَايَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِدْرَاجِ وَمَعَ ثُبُوتِ رَفْعِهَا فَقَدْ عَارَضَتْ رِوَايَةَ " وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ " وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ أَيْ بِإِعْتَاقِ مَالك الْحِصَّةِ حِصَّتَهُ وَحِصَّةُ الشَّرِيكِ تُعْتَقُ بِالسِّعَايَةِ فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ بَعْدَ تَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِ وَيَكُونُ كَالْمُكَاتَبِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ لِقَوْلِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ اللُّزُومِ بِأَنْ يُكَلَّفُ الْعَبْدُ الِاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى يَحْصُلَ ذَلِكَ لَحَصَلَ لَهُ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ فِي الْكِتَابَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَهَذَا مِثْلُهَا وَإِلَى هَذَا الْجَمْعِ ذَهَبَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ لَا تَبْقَى بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا وَهُوَ كَمَا قَالَ، إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُبْقِي الرِّقَّ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ إذَا لَمْ يَخْتَرْ الْعَبْدُ السِّعَايَةَ وَيُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا فِي غُلَامٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ " لَيْسَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ كُلُّهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ» عَلَى الْمُوسِرِ فَتَنْدَفِعُ الْمُعَارَضَةُ.

وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مِلْقَامٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُعْسِرِ. وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِلَفْظِ «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ وَلَهُ وَفَاءٌ فَهُوَ حُرٌّ وَيَضْمَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>