للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٦٣ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَمْشِ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَلْيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الْبُدَاءَةُ بِالْيَمِينِ مَشْرُوعَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِفَضْلِ الْيَمِينِ حِسًّا فِي الْقُوَّةِ وَشَرْعًا فِي النَّدْبِ فِي تَقْدِيمِهَا. قَالَ الْحَلِيمِيُّ إنَّمَا يَبْدَأُ بِالشِّمَالِ عِنْدَ الْخَلْعِ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ كَرَامَةٌ؛ لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِلْبَدَنِ فَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ أَكْرَمَ مِنْ الْيُسْرَى بُدِئَ بِهَا فِي اللُّبْسِ وَأُخِّرَتْ فِي النَّزْعِ لِتَكُونَ الْكَرَامَةُ لَهَا أَدُومَ وَحِصَّتُهَا مِنْهَا أَكْثَرَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَنْ بَدَأَ فِي الِانْتِعَالِ بِالْيُسْرَى أَسَاءَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَلَكِنْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ نَعْلَيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَنْبَغِي أَنْ تُنْزَعَ النَّعْلُ مِنْ الْيُسْرَى وَيُبْدَأُ بِالْيَمِينِ، وَلَعَلَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهُ الْخَلْعُ إذَا بَدَأَ بِالْيُسْرَى ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ لُبْسُهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَشْرُوعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ مَحَلُّهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الِانْتِعَالِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ وَلَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ «اسْتَكْثِرُوا مِنْ النِّعَالِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ» أَيْ يُشْبِهُ الرَّاكِبَ فِي خِفَّةِ الْمَشَقَّةِ وَقِلَّةِ النَّصَبِ وَسَلَامَةِ الرِّجْلِ مِنْ أَذَى الطَّرِيقِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ إذَا لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْإِيجَابِ فَهُوَ لِلِاسْتِحْبَابِ.

(وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَمْشِ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَلْيُنْعِلْهُمَا» بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ مِنْ أَنْعَلَ كَمَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلرِّجْلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُمَا ذِكْرٌ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا مِنْ النَّعْلِ (جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا) أَيْ النَّعْلَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا. وَهُوَ لِلْقَدَمَيْنِ (جَمِيعًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) ظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ عَنْ الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ. وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْقَرِينَةَ حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «رُبَّمَا انْقَطَعَ شِسْعِ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَشَى فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى يُصْلِحَهَا» إلَّا أَنَّهُ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ وَقْفَهُ. وَقَدْ ذَكَرَ رَزِينٌ عَنْهَا قَالَتْ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْتَعِلُ قَائِمًا وَيَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ النَّهْيِ، فَقَالَ قَوْمٌ عِلَّتُهُ أَنَّ النِّعَالَ شُرِعَتْ لِوِقَايَةِ الرِّجْلِ عَمَّا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ مِنْ شَوْكٍ وَنَحْوِهِ فَإِذَا انْفَرَدَتْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ احْتَاجَ الْمَاشِي أَنْ يَتَوَقَّى لِإِحْدَى رِجْلَيْهِ مَا لَا يَتَوَقَّى لِلْأُخْرَى فَيَخْرُجُ لِذَلِكَ عَنْ سَجِيَّةِ مِشْيَتِهِ وَلَا يَأْمَنُ مَعَ ذَلِكَ الْعِثَارَ. وَقِيلَ إنَّهَا مِشْيَةُ الشَّيْطَانِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْكَرَاهَةُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الشُّهْرَةِ فِي الْمُلَابِسِ وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَهَا» وَتَقَدَّمَ مَا يُعَارِضُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَيُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ. وَقَدْ أُلْحِقَ بِالنَّعْلَيْنِ كُلُّ لِبَاسٍ شَفْعٌ كَالْخُفَّيْنِ وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>