للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٨٤ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَمَّا كَانَ الْغَرِيبُ قَلِيلَ الِانْبِسَاطِ إلَى النَّاسِ بَلْ هُوَ مُسْتَوْحِشٌ مِنْهُمْ وَلَا يَكَادُ يَمُرُّ بِمَنْ يَعْرِفُهُ فَيَأْنَسُ بِهِ فَهُوَ ذَلِيلٌ فِي نَفْسِهِ خَائِفٌ وَكَذَلِكَ عَابِرُ السَّبِيلِ لَا يَنْفُذُ فِي سَفَرِهِ إلَّا بِقُوَّتِهِ وَتَخْفِيفِهِ مِنْ الْأَثْقَالِ غَيْرُ مُتَشَبِّثٍ بِمَا يَمْنَعُهُ عَنْ قَطْعِ سَفَرِهِ، مَعَهُ زَادُهُ وَرَاحِلَتُهُ يُبَلِّغَانِهِ إلَى مَا يَعْنِيهِ مِنْ مَقْصِدِهِ. وَفِي هَذِهِ إشَارَةٌ إلَى إيثَارِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَأَخْذِ الْبُلْغَةِ مِنْهَا وَالْكَفَافِ، فَكَمَا لَا يَحْتَاجُ الْمُسَافِرُ إلَى أَكْثَرَ مِمَّا يُبَلِّغُهُ إلَى غَايَةِ سَفَرِهِ فَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ لَا يَحْتَاجُ فِي الدُّنْيَا إلَى أَكْثَرَ مِمَّا يُبَلِّغُهُ الْمَحَلَّ وَقَوْلُهُ (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ مُتَفَرِّعٌ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِنِهَايَةِ تَقْصِيرِ الْأَجْلِ مِنْ الْعَاقِلِ إذَا أَمْسَى يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَنْتَظِرَ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَنْتَظِرَ الْمَسَاءَ بَلْ يَظُنُّ أَنْ أَجَلَهُ يُدْرِكُهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَفِي كَلَامِهِ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فَيَغْتَنِمُ أَيَّامَ صِحَّتِهِ وَيُنْفِقُ سَاعَاتِهِ فِيمَا يَعُودُ عَلَيْهِ نَفْعُهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يَنْزِلُ بِهِ مَرَضٌ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فِعْلِ الطَّاعَةِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا مَرِضَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا فَقَدْ أَخَذَ مِنْ صِحَّتِهِ لِمَرَضِهِ حَظَّهُ مِنْ الطَّاعَاتِ. وَقَوْلُهُ (مِنْ حَيَاتِك لِمَوْتِك) أَيْ خُذْ مِنْ أَيَّامِ الْحَيَاةِ وَالصِّحَّةِ وَالنَّشَاطِ لِمَوْتِك بِتَقْدِيمِ مَا يَنْفَعُك بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ نَظِيرُ حَدِيثِ «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا مَا تَنْتَظِرُونَ إلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوْ الدَّجَّالَ فَإِنَّهُ شَرُّ مُنْتَظَرٍ أَوْ السَّاعَةَ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ) الْحَدِيثُ فِيهِ ضَعْفٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ تُخْرِجُهُ عَنْ الضَّعْفِ، وَمِنْ شَوَاهِدِهِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «مَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ كَانَ مِنْهُمْ» وَالْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِالْفُسَّاقِ كَانَ مِنْهُمْ أَوْ بِالْكُفَّارِ أَوْ بِالْمُبْتَدِعَةِ فِي أَيِّ شَيْءٍ مِمَّا يَخْتَصُّونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>