للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٢٢ - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ.

١٤٢٣ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشُّؤْمُ سُوءُ الْخُلُقِ ' '» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ

الْحَاكِمُ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَلَفْظُهُ (مِنْ) رُوِيَتْ بِالْكَسْرِ لِمِيمِهَا عَلَى أَنَّهَا حَرْفُ جَرٍّ وَبِفَتْحِهَا عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ، وَالتَّفْسِيرُ النَّبَوِيُّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِقَادِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى عَدَمِ الِامْتِثَالِ تَعَزُّزًا وَتَرَفُّعًا وَاحْتِقَارًا لِلنَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الزَّوَاجِرِ: الْكِبْرُ إمَّا بَاطِنٌ، وَهُوَ خُلُقُ النَّفْسِ وَاسْمُ الْكِبْرِ بِهَذَا أَحَقُّ، وَإِمَّا ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَعْمَالٌ تَصْدُرُ مِنْ الْجَوَارِحِ وَهِيَ ثَمَرَاتُ ذَلِكَ الْخُلُقِ، وَعِنْدَ ظُهُورِهَا يُقَالُ تَكَبَّرَ وَعِنْدَ عَدَمِهَا يُقَالُ كَبُرَ، فَالْأَصْلُ هُوَ خُلُقُ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِرْوَاحُ وَالرُّكُونُ إلَى رُؤْيَةِ النَّفْسِ فَوْقَ الْمُتَكَبَّرِ عَلَيْهِ فَهُوَ يَسْتَدْعِي مُتَكَبَّرًا عَلَيْهِ وَمُتَكَبَّرًا بِهِ.

وَبِهِ فَارَقَ الْعُجْبَ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي غَيْرَ الْمُعْجَبِ بِهِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ انْفِرَادُهُ دَائِمًا لَمَا أَمْكَنَ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ الْعُجْبُ دُونِ الْكِبْرُ، فَالْعُجْبُ مُجَرَّدُ اسْتِعْظَامِ الشَّيْءِ، فَإِنْ صَحِبَهُ مَنْ يَرَى أَنَّهُ فَوْقَهُ كَانَ تَكَبُّرًا اهـ.

وَالِاخْتِيَالُ فِي الْمِشْيَةِ هُوَ مِنْ التَّكَبُّرِ وَعَطْفُهُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ أَحَدِ نَوْعَيْ الْكِبْرِ عَلَى الْآخَرِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ هَذَا الْكِبْرِ يَسْتَحِقُّ الْوَعِيدَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ أَحَادِيثُ فِي ذَمِّ الْكِبْرِ مُطْلَقًا، وَالْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ دَالٌّ عَلَى تَحْرِيمِ الْكِبْرِ وَإِيجَابِهِ لِغَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ) الْعَجَلَةُ هِيَ السُّرْعَةُ فِي الشَّيْءِ وَهِيَ مَذْمُومَةٌ فِيمَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْأَنَاةُ مَحْمُودَةٌ فِيمَا يُطْلَبُ تَعْجِيلُهُ مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى الْخَيْرَاتِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْأَنَاةِ، وَالْمُسَارَعَةِ، فَإِنْ سَارَعَ بِتُؤَدَةٍ وَتَأَنٍّ فَيَتِمُّ لَهُ الْأَمْرَانِ، وَالضَّابِطُ أَنَّ خِيَارَ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>