للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٤ - وَعَنْهَا «أَنَّ وَلِيدَةً سَوْدَاءَ كَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتُحَدِّثُ عِنْدِي» - الْحَدِيثُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَعَائِشَةُ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ؛ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِمَا ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ هَذَا «أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ لَعِبَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعْهُمْ» وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعُمَرَ: «لِتَعْلَمَ الْيَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً وَأَنِّي بُعِثْت بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ» وَكَأَنَّ عُمَرَ بَنَى عَلَى الْأَصْلِ فِي تَنْزِيهِ الْمَسَاجِدِ فَبَيَّنَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ التَّعَمُّقَ وَالتَّشَدُّدَ يُنَافِي قَاعِدَةَ شَرِيعَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ التَّسْهِيلِ وَالتَّيْسِيرِ وَهَذَا يَدْفَعُ قَوْلَ الطَّبَرِيِّ إنَّهُ يُغْتَفَرُ لِلْحَبَشِ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِمْ فَيُقَرُّ حَيْثُ وَرَدَ وَيُدْفَعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ اللَّعِبَ بِالْحِرَابِ لَيْسَ لَعِبًا مُجَرَّدًا بَلْ فِيهِ تَدْرِيبُ الشُّجْعَانِ عَلَى مَوَاضِعِ الْحُرُوبِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْعَدُوِّ فَفِي ذَلِكَ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي تَجْمَعُ عَامَّةَ الْمُسْلِمِينَ وَيُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي إقَامَةِ الدَّيْنِ فَأُجِيزَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ.

هَذَا وَأَمَّا نَظَرُ عَائِشَةَ إلَيْهِمْ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى جُمْلَةِ النَّاسِ مِنْ دُونِ تَفْصِيلٍ لِأَفْرَادِهِمْ كَمَا تَنْظُرُهُمْ إذَا خَرَجَتْ لِلصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْمُلَاقَاةِ فِي الطَّرَقَاتِ وَيَأْتِي تَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَحَلِّهَا.

[وَعَنْهَا] أَيْ " عَائِشَةَ " [أَنَّ وَلِيدَةً الْوَلِيدَةُ الْأَمَةُ [سَوْدَاءَ كَانَ لَهَا خِبَاءٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَةٍ فَهَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ الْخَيْمَةُ مِنْ وَبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقِيلَ: لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ شَعْرٍ [فِي الْمَسْجِدِ فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتُحَدِّثُ عِنْدِي - الْحَدِيثُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

] وَالْحَدِيثُ بُرْمَتِهِ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ وَلِيدَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ لِحَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ فَأَعْتَقُوهَا فَكَانَتْ مَعَهُمْ فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ، قَالَتْ فَوَضَعَتْهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهَا فَمَرَّتْ حَدَأَةٌ وَهُوَ مُلْقًى فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطَفَتْهُ. قَالَتْ: فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَجَعَلُوا يُفَتِّشُونِي حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا قَالَتْ: وَاَللَّهِ إنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ إذْ مَرَّتْ الْحَدَأَةُ فَأَلْقَتْهُ قَالَتْ: فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ، فَقُلْت هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ زَعَمْتُمْ وَأَنَا بَرِيئَةٌ مِنْهُ وَهَا هُوَ ذَا، قَالَتْ: فَجَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَتْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَفْشٌ فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتُحَدِّثُ عِنْدِي، قَالَتْ فَلَا تَجْلِسُ إلَّا قَالَتْ:

وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا … أَلَا إنَّهُ مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>