للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ) أَخَذَ فِي السُّجُودِ (فَاسْجُدُوا وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا) لِعُذْرٍ (فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ ") هَكَذَا بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ وَهِيَ رِوَايَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَجْمَعُونَ بِالرَّفْعِ تَأْكِيدًا لِضَمِيرِ الْجَمْعِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَهَذَا لَفْظُهُ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ) إنَّمَا يُفِيدُ جَعْلُ الْإِمَامِ مَقْصُورًا عَلَى الِاتِّصَافِ بِكَوْنِهِ مُؤْتَمًّا بِهِ لَا يَتَجَاوَزُهُ الْمُؤْتَمُّ إلَى مُخَالَفَتِهِ.

وَالِائْتِمَامُ الِاقْتِدَاءُ وَالِاتِّبَاعُ، وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى أَنَّ شَرْعِيَّةَ الْإِمَامَةِ لِيَقْتَدِيَ بِالْإِمَامِ وَمِنْ شَأْنِ التَّابِعِ، وَالْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ مَتْبُوعَهُ وَلَا يُسَاوِيَهُ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي مَوْقِفِهِ بَلْ يُرَاقِبَ أَحْوَالَهُ وَيَأْتِيَ عَلَى أَثَرِهَا بِنَحْوِ فِعْلِهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَقَدْ فَصَّلَ الْحَدِيثُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِذَا كَبَّرَ إلَى آخِرِهِ وَيُقَاسُ مَا لَمْ يُذْكَرْ مِنْ أَحْوَالِهِ كَالتَّسْلِيمِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَمَنْ خَالَفَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ فَقَدْ أَثِمَ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ إنْ خَالَفَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ مَعَهُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ إمَامًا إذْ الدُّخُولُ بِهَا بَعْدَهُ وَهِيَ عُنْوَانُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَاِتِّخَاذِهِ إمَامًا.

وَاسْتُدِلَّ عَلَى عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِمُخَالَفَتِهِ لِإِمَامِهِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَعَّدَ مَنْ سَابَقَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ بِأَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ صَلَاتِهِ وَلَا قَالَ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لَهُ.

ثُمَّ الْحَدِيثُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُسَاوَاةَ فِي النِّيَّةِ فَدَلَّ أَنَّهَا إذَا اخْتَلَفَتْ نِيَّةُ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ كَأَنْ يَنْوِيَ أَحَدُهُمَا فَرْضًا، وَالْآخَرُ نَفْلًا أَوْ يَنْوِيَ هَذَا عَصْرًا، وَالْآخَرُ ظُهْرًا أَنَّهَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي صَلَاةِ مُعَاذٍ وَقَوْلُهُ "، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " يَدُلُّ أَنَّهُ الَّذِي يَقُولُهُ الْإِمَامُ وَيَقُولُ الْمَأْمُومُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَقَدْ وَرَدَ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ وَوَرَدَ بِحَذْفِ اللَّهُمَّ، وَالْكُلُّ جَائِزٌ، وَالْأَرْجَحُ الْعَمَلُ بِزِيَادَةِ اللَّهُمَّ وَزِيَادَةِ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُمَا يُفِيدَانِ مَعْنًى زَائِدًا.

وَقَدْ احْتَجَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ لَا يَجْمَعُ الْإِمَامُ، وَالْمُؤْتَمُّ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَهُمْ الْهَادَوِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ قَالُوا: وَيُشْرَعُ لِلْإِمَامِ، وَالْمُنْفَرِدِ التَّسْمِيعُ وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ، وَالْمُنْفَرِدُ وَيَقُولُ الْمُؤْتَمُّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ " وَظَاهِرُهُ مُنْفَرِدًا، وَإِمَامًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤْتَمًّا نَادِرَةٌ وَيُقَالُ عَلَيْهِ فَأَيْنَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ يَشْمَلُ الْمُؤْتَمَّ فَإِنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا أَنَّهُ يَحْمَدُ وَذَهَبَ الْإِمَامُ يَحْيَى وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ، وَالْمُنْفَرِدُ وَيَحْمَدُ الْمُؤْتَمُّ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْبَابِ إذْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " فَقُولُوا اللَّهُمَّ " إلَخْ أَنَّهُ لَا يَقُولُ الْمُؤْتَمُّ إلَّا ذَلِكَ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْمُصَلِّي مُطْلَقًا مُسْتَدِلًّا بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ " الْحَدِيثَ قَالَ: وَالظَّاهِرُ عُمُومُ أَحْوَالِ صَلَاتِهِ جَمَاعَةً وَمُنْفَرِدًا وَقَدْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>