للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩١ - وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ

فِي أَيْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَلَوْ دُونَ رَكْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لَهَا إلَّا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ اشْتِرَاطُ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ، وَيُقَاسَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَوْقَاتِ لَا فِي الْجَمَاعَةِ وَبِأَنَّ الْجُمُعَةَ مَخْصُوصَةٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى صِحَّةِ الدُّخُول مَعَ الْإِمَامِ فِي أَيِّ حَالَةٍ أَدْرَكَهُ عَلَيْهَا وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَرْفُوعًا «وَمَنْ وَجَدَنِي رَاكِعًا أَوْ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا فَلْيَكُنْ مَعِي عَلَى الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا» قُلْت وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى اعْتِدَادِهِ بِمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا عَلَى إحْرَامِهِ فِي أَيِّ حَالَةٍ أَدْرَكَهُ عَلَيْهَا بَلْ فِيهِ الْأَمْرُ بِالْكَوْنِ مَعَهُ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِرِجَالٍ مُوثَقِينَ - كَمَا قَالَ الْهَيْثَمِيُّ - عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ قَالَا " مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ فَلَا يَعْتَدُّ بِالسَّجْدَةِ "، وَأَخْرَجَ أَيْضًا فِي الْكَبِيرِ - قَالَ الْهَيْثَمِيُّ أَيْضًا بِرِجَالٍ مُوَثَّقِينَ - مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ " دَخَلَتْ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ الْمَسْجِدَ، وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَرَكَعْنَا ثُمَّ مَشَيْنَا حَتَّى اسْتَوَيْنَا بِالصَّفِّ فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ قُمْت أَقْضِي فَقَالَ قَدْ أَدْرَكْته "، وَهَذِهِ آثَارٌ مَوْقُوفَةٌ، وَفِي الْآخَرِ دَلِيلٌ - أَيْ مَأْنُوسٌ بِمَا ذَهَبَ وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَاتِ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، وَإِلَّا فَإِنَّهَا آثَارٌ مَوْقُوفَةٌ لَيْسَتْ بِأَدِلَّةٍ - عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ حَدِيثُ الْبَابِ بِلَفْظِ " فَاقْضُوا " عِوَضَ أَتِمُّوا، وَالْقَضَاءُ يُطْلَقُ عَلَى أَدَاءِ الشَّيْءِ فَهُوَ فِي مَعْنَى أَتِمُّوا فَلَا مُغَايَرَةَ ثُمَّ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يُدْرِكُهُ اللَّاحِقُ مَعَ إمَامِهِ هَلْ هِيَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ أَوْ آخِرُهَا، وَالْحَقُّ أَنَّهَا أَوَّلُهَا وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي حَوَاشِي ضَوْءِ النَّهَارِ.

وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَرَكَعَ مَعَهُ هَلْ تَسْقُطُ قِرَاءَةُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ الْفَاتِحَةَ فَيَعْتَدُّ بِهَا أَوْ لَا تَسْقُطُ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا قِيلَ: يَعْتَدُّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ وَقِيلَ لَا يَعْتَدُّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ فَاتَتْهُ الْفَاتِحَةُ وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَتَرَجَّحَ عِنْدَنَا الْإِجْزَاءُ.

وَمِنْ أَدِلَّتِهِ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ حَيْثُ رَكَعَ وَهُمْ رُكُوعٌ ثُمَّ أَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ الْعَوْدَةِ إلَى الدُّخُولِ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَى الصَّفِّ كَمَا عَرَفْت.

<<  <  ج: ص:  >  >>