للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٢ - «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِك: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ»

الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا وَاَلَّذِي يَقُولُ لَهُ أَنْصِتْ لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ) وَلَهُ شَاهِدٌ قَوِيٌّ فِي جَامِعِ حَمَّادٍ مُرْسَلٌ (وَهُوَ) أَيْ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ (يُفَسِّرُ) الْحَدِيثَ.

٤٢٢ - «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِك: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ».

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِك أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» فِي قَوْلِهِ " يَوْمَ الْجُمُعَةِ " دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ خُطْبَةَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَيْسَتْ مِثْلَهَا يُنْهَى عَنْ الْكَلَامِ حَالَهَا، وَقَوْلُهُ " وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَخْتَصُّ النَّهْيُ بِحَالِ الْخُطْبَةِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُنْهَى عَنْ الْكَلَامِ مِنْ حَالِ خُرُوجِ الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ عِنْدَ جُلُوسِهِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فَهُوَ غَيْرُ خَاطِبٍ فَلَا يُنْهَى عَنْ الْكَلَامِ. وَقِيلَ: هُوَ وَقْتٌ يَسِيرٌ يُشَبَّهُ بِالسُّكُوتِ لِلتَّنَفُّسِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْخَاطِبِ. وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِالْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا؛ لِأَنَّهُ فَاتَهُ الِانْتِفَاعُ بِأَبْلَغِ نَافِعٍ، وَقَدْ تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ، وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي حُضُورِ الْجُمُعَةِ، وَالْمُشَبَّهُ بِهِ كَذَلِكَ فَاتَهُ الِانْتِفَاعُ بِأَبْلَغِ نَافِعٍ مَعَ تَحَمُّلِ التَّعَبِ فِي اسْتِصْحَابِهِ، وَفِي قَوْلِهِ " لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ "

دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا صَلَاةَ لَهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْجُمُعَةِ الصَّلَاةُ إلَّا أَنَّهَا تُجْزِئُهُ إجْمَاعًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ هَذَا بِأَنَّهُ نَفْيٌ لِلْفَضِيلَةِ الَّتِي يَحُوزُهَا مَنْ أَنْصَتَ وَهُوَ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ «مَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا.»

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ: مَعْنَاهُ أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاةُ وَحُرِمَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ احْتَجَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بِحُرْمَةِ الْكَلَامِ حَالَ الْخُطْبَةِ وَهُمْ الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَرِوَايَةٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ تَشْبِيهَهُ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ الْمُسْتَنْكَرِ، وَمُلَاحَظَةُ وَجْهِ الشَّبَهِ يَدُلُّ عَلَى قُبْحِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ نِسْبَتُهُ إلَى فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْجُمُعَةِ مَا ذَاكَ إلَّا لِمَا يَلْحَقُ الْمُتَكَلِّمَ مِنْ الْوِزْرِ الَّذِي يُقَاوِمُ الْفَضِيلَةَ فَيَصِيرُ مُحْبِطًا لَهَا، وَذَهَبَ الْقَاسِمُ وَابْنَا الْهَادِي، وَأَحَدُ قَوْلَيْ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ إلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ، وَمَنْ لَا يَسْمَعُهَا.

وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ إلَّا عَنْ قَلِيلٍ مِنْ التَّابِعِينَ.

وَقَوْلُهُ «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِك أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ» تَأْكِيدٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عُدَّ مِنْ اللَّغْوِ، وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ فَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْإِشَارَةِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ.

وَالْمُرَادُ بِالْإِنْصَاتِ قِيلَ: مِنْ مُكَالَمَةِ النَّاسِ فَيَجُوزُ عَلَى هَذَا الذِّكْرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ النَّهْيَ شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ، وَمَنْ فَرَّقَ فَعَلَيْهِ دَلِيلٌ فَمِثْلُ جَوَابِ التَّحِيَّةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذِكْرِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا قَدْ تَعَارَضَ فِيهِ عُمُومُ

<<  <  ج: ص:  >  >>