للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥٨ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ، وَلَا إقَامَةٍ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ

عَيْنًا عِنْدَ الْهَادِي وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مُدَاوَمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْخُلَفَاءِ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَمْرِهِ بِإِخْرَاجِ النِّسَاءِ، وَكَذَلِكَ مَا سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ أَمْرِهِمْ بِالْغُدُوِّ إلَى مُصَلَّاهُمْ فَالْأَمْرُ أَصْلُهُ الْوُجُوبُ، وَمِنْ الْأَدِلَّةِ قَوْله تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} عَلَى مَنْ يَقُولُ: الْمُرَادُ بِهِ صَلَاةُ النَّحْرِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} فَسَّرَهَا الْأَكْثَرُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَصَلَاةِ عِيدِهِ.

(الثَّانِي): أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهَا شِعَارٌ وَتَسْقُطُ بِقِيَامِ الْبَعْضِ بِهِ كَالْجِهَادِ ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ وَآخَرُونَ.

(الثَّالِثُ): أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَمُوَاظَبَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا دَلِيلُ تَأْكِيدِ سُنِّيَّتِهَا، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ» وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ وَبِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ عَلَى كَتْبِهِنَّ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.

، وَفِي قَوْلِهِ " (لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ شَرْعِيَّةِ النَّافِلَةِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَا أَمَرَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ فِي حَقِّهِ فَلَا يَكُونُ مَشْرُوعًا فِي حَقِّنَا، وَيَأْتِي حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّ فِيهِ الدَّلَالَةَ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هُنَا وَلَا بَعْدَهَا أَيْ فِي الْمُصَلَّى.

(وَعَنْهُ) أَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ)، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ شَرْعِيَّتِهِمَا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَإِنَّهُمَا بِدْعَةٌ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: " أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مُعَاوِيَةُ " وَمِثْلُهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ وَزَادَ "، وَأَخَذَ بِهِ الْحَجَّاجُ حِينَ أُمِّرَ عَلَى الْمَدِينَةِ " وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ: " أَنْ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَهُ زِيَادٌ بِالْبَصْرَةِ " وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ مَرْوَانُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَقَامَ أَيْضًا، وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ الزُّهْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ فِي الْعِيدِ أَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ» قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهَذَا مُرْسَلٌ يُعْتَضَدُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْكُسُوفِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ فِيهِ قُلْت: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>