للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «شَكَا النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُحُوطَ الْمَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ، فَوُضِعَ لَهُ بِالْمُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: إنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمْ اللَّهُ أَنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ: أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ. أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْت عَلَيْنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إلَى حِينٍ ثُمَّ رَفَعَ بِيَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إبْطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللَّهُ تَعَالَى سَحَابَةً

الْمُصَلَّى، وَصَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ.

(وَالثَّانِي): يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ.

(الثَّالِثُ): اسْتِسْقَاؤُهُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ اسْتَسْقَى مُجَرَّدًا فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ فِيهِ صَلَاةٌ.

(الرَّابِعُ): أَنَّهُ اسْتَسْقَى، وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فَرَفَعَ يَدَهُ وَدَعَا اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ -.

(الْخَامِسُ) أَنَّهُ اسْتَسْقَى عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ قَرِيبًا مِنْ الزَّوْرَاءِ، وَهِيَ خَارِجُ بَابِ الْمَسْجِدِ.

(السَّادِسُ): أَنَّهُ اسْتَسْقَى فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ لَمَّا سَبَقَهُ الْمُشْرِكُونَ إلَى الْمَاءِ وَأُغِيثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ مَرَّةٍ اسْتَسْقَى فِيهَا.

وَاخْتُلِفَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَذَهَبَ الْهَادِي إلَى أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ فِيهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " لَمْ يَخْطُبْ " إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَنْفِي الْخُطْبَةَ الْمُشَابِهَةَ لِخُطْبَتِهِمْ وَذَكَرَ مَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَقَى الْمِنْبَرَ " وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْقَاهُ إلَّا لِلْخُطْبَةِ.

وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ يَخْطُبُ فِيهَا كَالْجُمُعَةِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَذَهَبَ النَّاصِرُ وَجَمَاعَةٌ إلَى الْأَوَّلِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ إلَى الثَّانِي مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ، وَأَبِي عَوَانَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ لِلِاسْتِسْقَاءِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَطَبَ».

وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا لَفْظَهُ: وَجُمِعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الَّذِي بَدَأَ بِهِ هُوَ الدُّعَاءُ فَعَبَّرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ الدُّعَاءِ بِالْخُطْبَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْوِ الْخُطْبَةَ بَعْدَهَا وَالرَّاوِي لِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْوِ الدُّعَاءَ قَبْلَهَا، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.

، وَأَمَّا مَا يَدْعُو بِهِ فَيَتَحَرَّى مَا وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ أَبَانَ الْأَلْفَاظَ الَّتِي دَعَا بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>