للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٩ - وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَقِيلَ: عُبَيْدُ بْنُ وَهْبٍ وَبَقِيَ إلَى خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ مَرْوَان سَكَنَ الشَّامَ وَلَيْسَ بِعَمِّ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. ذَلِكَ قُتِلَ أَيَّامَ حُنَيْنٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْمُهُ عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ» بِالْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بِهِ اسْتِحْلَالُ الزِّنَى وَبِالْخَاءِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَتَيْنِ (وَالْحَرِيرَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ)، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا.

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ لِبَاسِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَسْتَحِلُّونَ بِمَعْنَى يَجْعَلُونَ الْحَرَامَ حَلَالًا وَيَأْتِي الْحَدِيثُ الثَّانِي وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ.

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّ اسْتِحْلَالَ الْمُحَرَّمِ لَا يُخْرِجُ فَاعِلَهُ مِنْ مُسَمَّى الْأُمَّةِ كَذَا قَالَ (قُلْت): وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الْقَوْلِ فَإِنَّ مَنْ اسْتَحَلَّ مُحَرَّمًا أَيْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ فَإِنَّهُ قَدْ كَذَّبَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّهُ حَرَامٌ فَقَوْلُهُ بِحِلِّهِ رَدٌّ لِكَلَامِهِ وَتَكْذِيبٌ، وَتَكْذِيبُهُ كُفْرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ الْأُمَّةِ قَبْلَ الِاسْتِحْلَالِ فَإِذَا اسْتَحَلَّ خَرَجَ عَنْ مُسَمَّى الْأُمَّةِ.

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْأُمَّةِ هُنَا أُمَّةُ الدَّعْوَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَحِلُّونَ لِكُلِّ مَا حَرَّمَهُ لَا لِهَذَا بِخُصُوصِهِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي الْحَدِيثِ فَظَاهِرُ إيرَادِ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِي اللِّبَاسِ أَنَّهُ يَخْتَارُ أَنَّهَا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْحُمَيْدِيُّ، وَابْنُ الْأَثِيرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْإِبْرَيْسَمِ مَعْرُوفٌ وَضَبَطَهُ أَبُو مُوسَى بِالْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اخْتِلَافِ طُرُقِهِ هُوَ الْأَوَّلُ.

وَإِذَا كَانَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ فَهُوَ الْخَالِصُ مِنْ الْحَرِيرِ وَعُطِفَ الْحَرِيرُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْخَزَّ ضَرْبٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْخَزُّ عَلَى ثِيَابٍ تُنْسَجُ مِنْ الْحَرِيرِ وَالصُّوفِ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ حَلَالٌ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الدَّشْتَكِيِّ عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ قَالَ: «رَأَيْت بِبُخَارَى رَجُلًا عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ عَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ سَوْدَاءُ قَالَ: كَسَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بَيَانُ مَا يَحِلُّ مِنْ غَيْرِ الْخَالِصِ.

وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>