للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٧٨ - وَعَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ

هُوَ وَعِيَالُهُ وَيُطْعِمُ النَّاسَ مَا لَا يُدَّخَرُ وَلَا يَبْقَى فَكَانَ مَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِطْعَامِهِ وَأَكْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الْخَضْرَاوَاتِ الَّتِي لَا تُدَّخَرُ يُوَضِّحُ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الْعُرْفَ الْجَارِي بِمَنْزِلِهِ مَا لَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلنُّفُوسِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْ الثِّمَارِ الرَّطْبَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ الطَّعَامِ بِحَيْثُ يَكُونُ تَرْكُ ذَلِكَ مُضِرًّا بِهَا وَشَاقًّا عَلَيْهَا انْتَهَى

(وَعَنْ عَتَّابٍ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ آخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ - ابْنِ أَسِيدٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ (قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ)؛ لِأَنَّهُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَتَّابٍ وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُد: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الصَّحِيحُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَتَّابًا (مُرْسَلٌ)

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ يُعْتَضَدُ بِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ خَرْصِ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي أَمْرٌ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ أَتَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصِيغَةٍ تُفِيدُ الْأَمْرَ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْوُجُوبُ، وَبِالْوُجُوبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ: إنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّهُ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ عَمَلٌ بِالظَّنِّ وَرَدَ بِهِ أَمْرُ الشَّارِعِ وَيَكْفِي فِيهِ خَارِصٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ عَارِفٌ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلَ بِالشَّيْءِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَحْدَهُ يَخْرُصُ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ» وَلِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ يَجْتَهِدُ وَيَعْمَلُ، فَإِنْ أَصَابَتْ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ بَعْدَ الْخَرْصِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ أَنَّ الْمَخْرُوصَ إذَا أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ قَبْلَ الْجِدَادِ فَلَا ضَمَانَ.

وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ أَمْنُ الْخِيَانَةِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فِي دَعْوَى النَّقْصِ بَعْدَ الْخَرْصِ وَضَبْطُ حَقِّ الْفُقَرَاءِ عَلَى الْمَالِكِ وَمُطَالَبَةُ الْمُصَّدِّقِ بِقَدْرِ مَا خَرَصَهُ، وَانْتِفَاعُ الْمَالِكِ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِخَرْصِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ قِيلَ: وَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِمَّا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ وَإِحَاطَةُ النَّظَرِ بِهِ وَقِيلَ: يَقْتَصِرُ عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِعَدَمِ النَّصِّ عَلَى الْعِلَّةِ وَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا خَرْصَ فِي الزَّرْعِ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ لِاسْتِتَارِهِ بِالْقِشْرِ، وَإِذَا ادَّعَى الْمَخْرُوصُ عَلَيْهِ النَّقْصَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَجَبَ إقَامَتُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>