للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٣٦ - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ أَوْ يَتَتَارَكَانِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِلِانْتِفَاعِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهَا تُطْلَى بِهَا السُّفُنُ إلَى آخِرِهِ وَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَيْهِ فَقَالُوا: لَا يُنْتَفَعُ مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ إلَّا بِجِلْدِهَا إذَا دُبِغَ لِدَلِيلِهِ الَّذِي مَضَى فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَهُوَ يَخُصُّ هَذَا الْعُمُومَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الِانْتِفَاعِ، وَمَنْ قَالَ الضَّمِيرُ يَعُودُ إلَى الْبَيْعِ اسْتَدَلَّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ إطْعَامِ الْمَيْتَةِ الْكِلَابَ وَلَوْ كَانَتْ كِلَابَ الصَّيْدِ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْأَقْرَبَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الْبَيْعِ فَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالنَّجِسِ مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ بَيْعُهُ لِمَا عَرَفْت وَقَدْ يَزِيدُهُ قُوَّةً قَوْلُهُ فِي ذَمِّ الْيَهُودِ: إنَّهُمْ جَمَلُوا الشَّحْمَ ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي تَوَجُّهِ النَّهْيِ إلَى الْبَيْعِ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَكْلُ الثَّمَنِ وَإِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ لِلْبَيْعِ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ وَالْأَدْهَانِ الْمُتَنَجِّسَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ أَكْلِ الْآدَمِيِّ وَدَهْنِ بَدَنِهِ فَيَحْرُمَانِ كَحُرْمَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالتَّرَطُّبِ بِالنَّجَاسَةِ، وَجَازَ إطْعَامُ شُحُومِ الْمَيْتَةِ الْكِلَابَ وَإِطْعَامُ الْعَسَلِ الْمُتَنَجِّسِ النَّحْلَ وَإِطْعَامُهُ الدَّوَابَّ، وَجَوَازُ جَمِيعِ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَاللَّيْثِ وَيُؤَيِّدُ جَوَازَ الِانْتِفَاعِ مَا رَوَاهُ الطَّحْطَاوِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ وَانْتَفِعُوا بِهِ» قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: إنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعُمَرُ وَأَبُو مُوسَى، وَمِنْ التَّابِعِينَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهَذَا هُوَ الْوَاضِحُ دَلِيلًا، وَأَمَّا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الِاسْتِهْلَاكَاتِ وَغَيْرِهَا فَلَا دَلِيلَ لَهَا بَلْ هُوَ رَأْيٌ مَحْضٌ، وَأَمَّا الْمُتَنَجِّسُ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ فَلَا كَلَامَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ قَالَتْهُ الْهَادَوِيَّةُ وَابْنُ حَنْبَلٍ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَرُمَ بَيْعُ شَيْءٍ حَرُمَ ثَمَنُهُ وَأَنَّ كُلَّ حِيلَةٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى تَحْلِيلِ مُحَرَّمٍ فَهِيَ بَاطِلَةٌ.

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي رِوَايَةٍ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ أَوْ يَتَتَارَكَانِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>