للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَوْ يُوزَنُ فَمِثْلُهُ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْعَرُوضِ وَالْحَيَوَانَاتِ فَالْقِيمَةُ وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ مَعَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَاءٌ بِإِنَاءٍ وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ» وَبِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ «مَنْ كَسَرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ» زَادَ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ فَصَارَتْ قَضِيَّةً. أَيْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ حُكْمًا عَامًّا لِكُلِّ مَنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ فِيهَا وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَكَانَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَعَامٌ بِطَعَامٍ وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ» كَافِيًا فِي الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهُ لِلطَّعَامِ وَاضِحٌ فِي التَّشْرِيعِ الْعَامِّ لِأَنَّهُ لَا غَرَامَةَ هُنَا لِلطَّعَامِ بَلْ الْغَرَامَةُ لِلْإِنَاءِ، وَأَمَّا الطَّعَامُ فَهُوَ هَدِيَّةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ عَدِمَ الْمِثْلَ فَالْمَضْمُونُ لَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُمْهِلَهُ حَتَّى يَجِدَ الْمِثْلَ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ. وَاسْتَدَلَّ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْقِيمَةِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى عَلَى مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ لِشَرِيكِهِ قَالُوا: فَقَضَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقِيمَةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُعْتِقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ لَمْ يَسْتَهْلِكْ شَيْئًا وَلَا غَصَبَ شَيْئًا وَلَا تَعَدَّى أَصْلًا بَلْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ الَّتِي أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ عِتْقَهَا، ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَهْلِكَ بِزَعْمِ الْمُسْتَدِلِّ هُنَا هُوَ الشِّقْصُ مِنْ الْعَبْدِ، وَمُنَاظَرَةُ شِقْصٍ لِشِقْصٍ تَبْعُدُ فَيَكُونُ النَّقْدُ أَقْرَبُ وَأَبْعَدُ مِنْ الشِّجَارِ عَلَى أَنَّ التَّقْوِيمَ لُغَةً يَشْمَلُ التَّقْدِيرَ بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا خُصَّ اصْطِلَاحًا بِالْقِيمَةِ، وَكَلَامُ الشَّارِعِ يُفَسَّرُ بِاللُّغَةِ لَا بِالِاصْطِلَاحِ الْحَادِثِ، وَاسْتَدَلَّ بِإِمْسَاكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْسَارَ الْقَصْعَةِ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ لِلْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ إذَا زَالَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ اسْمُهَا وَمُعْظَمُ نَفْعِهَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ إنَّهُ لَيْسَ فِي تَعْلِيمِ الظَّلَمَةِ أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَيُقَالُ لِكُلِّ فَاسِقٍ إذَا أَرَدْت أَخْذَ قَمْحِ يَتِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَكْلَ غَنَمِهِ أَوْ اسْتِحْلَالَ ثِيَابِهِ، فَقَطِّعْهَا ثِيَابًا عَلَى رَغْمِهِ وَاذْبَحْ غَنَمَهُ وَاطْبُخْهَا وَخُذْ الْحِنْطَةَ وَاطْحَنْهَا، وَكُلْ ذَلِكَ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَيْسَ عَلَيْك إلَّا قِيمَةُ مَا أَخَذْت وَهَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ فِي نَهْيِهِ تَعَالَى أَنْ تُؤْكَلَ أَمْوَالُ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَخِلَافُ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِقَضِيَّةِ الْقَصْعَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا وَاحْتَجُّوا بِخَبَرِ الشَّاةِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ أَنَّ «امْرَأَةً دَعَتْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى طَعَامٍ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَرَادَتْ ابْتِيَاعَ شَاةٍ فَلَمْ تَجِدْهَا فَأَرْسَلَتْ إلَى جَارَةٍ لَهَا أَنْ ابْعَثِي لِي الشَّاةَ الَّتِي لِزَوْجِك فَبَعَثَتْ بِهَا إلَيْهَا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشَّاةِ أَنْ تُطْعَمَ الْأَسَارَى» قَالُوا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الشَّاةِ قَدْ سَقَطَ عَنْهَا إذَا شُوِيَتْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخَبَرَ لَا يَصِحُّ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِهِمْ إذْ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ اللَّحْمُ فِي مِلْكِ الَّتِي أَخَذَتْهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا وَهُمْ يَقُولُونَ إنَّهُ لِلْغَاصِبِ وَقَدْ تَصَدَّقَ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَخَبَرُ شَاةِ الْأَسَارَى قَدْ بَحَثْنَا فِيهِ فِي مِنْحَةِ الْغَفَّارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>