للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٧٥ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ»

هَذَا بِوَلَدِك كُلِّهِمْ قَالَ لَا. قَالَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي ثُمَّ قَالَ أَيَسُرُّك أَنْ يَكُونُوا لَك فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَلَا إذَنْ» الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْهِبَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالثَّوْرِيِّ وَآخَرِينَ وَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ مَعَ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَهُوَ الَّذِي تُفِيدُهُ أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ مِنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِرْجَاعِهِ وَمِنْ قَوْلِهِ «اتَّقُوا اللَّهَ، وَقَوْلِهِ اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»، وَقَوْلِهِ «فَلَا إذَنْ»، وَقَوْلِهِ «لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» وَاخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ التَّسْوِيَةِ فَقِيلَ بِأَنْ تَكُونَ عَطِيَّةُ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى سَوَاءً، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ عِنْدَ النَّسَائِيّ «أَلَا سَوَّيْت بَيْنَهُمْ»، وَعِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ «سَوُّوا بَيْنَهُمْ»، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ فَلَوْ كُنْت مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْت النِّسَاءَ» أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَقِيلَ: بَلْ التَّسْوِيَةُ أَنْ يُجْعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى حَسِبَ التَّوْرِيثِ.

وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَلْ تُنْدَبُ، وَأَطَالُوا فِي الِاعْتِذَارِ عَنْ الْحَدِيثِ، وَذُكِرَ فِي الشَّرْحِ عَشَرَةُ أَعْذَارٍ كُلُّهَا غَيْرُ نَاهِضَةٍ، وَقَدْ كَتَبْنَا فِي ذَلِكَ رِسَالَةً جَوَابَ سُؤَالٍ أَوْضَحْنَا فِيهَا قُوَّةَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ، وَأَنَّ الْهِبَةَ مَعَ عَدَمِهَا بَاطِلَةٌ.

(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السُّوءِ. الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ» فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَبَوَّبَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. بَابُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَصَدَقَتِهِ، وَقَدْ اسْتَثْنَى الْجُمْهُورُ مَا يَأْتِي مِنْ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ، وَنَحْوِهِ، وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى حِلِّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ دُونَ الصَّدَقَةِ إلَّا الْهِبَةَ لِذِي رَحِمٍ قَالُوا: وَالْحَدِيثُ الْمُرَادُ بِهِ التَّغْلِيظُ فِي الْكَرَاهَةِ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>