للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشَّأْنِ

(وَيَسْتَعِينَ) عَطْفٌ عَلَى: لِيَصِيرَ (بِهِ الطَّالِبُ) لِأَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْحَدِيثِيَّةِ (الْمُبْتَدِي) فَإِنَّهُ قَدْ قَرَّبَ لَهُ الْأَدِلَّةَ وَهَذَّبَهَا (وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الرَّاغِبُ) فِي الْعُلُومِ (الْمُنْتَهِي) الْبَالِغُ نِهَايَةً مَطْلُوبَةً،؛ لِأَنَّ رَغْبَتَهُ تَبْعَثُهُ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَغْنِيَ عَنْ شَيْءٍ فِيهِ، سِيَّمَا مَا قَدْ هُذِّبَ وَقُرِّبَ (وَقَدْ بَيَّنْت عَقِبَ) مِنْ: عَقَبَهُ، إذَا خَلَفَهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، أَيْ: فِي آخِرِ (كُلِّ حَدِيثٍ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ) مَنْ ذَكَرَ إسْنَادَهُ وَسَاقَ طُرُقَهُ (لِإِرَادَةِ نُصْحِ الْأُمَّةِ) عِلَّةٌ لِذِكْرِهِ مَنْ خَرَّجَ الْحَدِيثَ.

وَذَلِكَ أَنَّ فِي ذِكْرِ مَنْ أَخْرَجَهُ عِدَّةَ نَصَائِحَ لِلْأُمَّةِ مِنْهَا:

بَيَانُ أَنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ فِي دَوَاوِينِ الْإِسْلَامِ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَدْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَئِمَّةُ الْأَعْلَامُ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَدْ تَتَّسِعُ طُرُقُهُ وَبَيَّنَ مَا فِيهَا مِنْ مَقَالٍ مِنْ تَصْحِيحٍ وَتَحْسِينٍ وَإِعْلَالٍ.

وَمِنْهَا: إرْشَادُ الْمُنْتَهِي أَنْ يُرَاجِعَ أُصُولَهَا الَّتِي مِنْهَا انْتَقَى هَذَا الْمُخْتَصَرَ.

وَكَانَ يَحْسُنُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ: وَمَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَصْحِيحٍ وَتَحْسِينٍ وَتَضْعِيفٍ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ بَعْدَ ذِكْرِ مَنْ خَرَّجَ الْحَدِيثَ فِي غَالِبِ الْأَحَادِيثِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ (فَالْمُرَادُ) أَيْ مُرَادِي (بِالسَّبْعَةِ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا لِكُلِّ مُصَنِّفٍ، وَلَا هُوَ جِنْسُ الْمُرَادِ، بَلْ اللَّامُ عِوَضٌ عَنْ الْإِضَافَةِ، وَالْفَاءُ جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، أَيْ: إذَا عَرَفْت مَا ذَكَرْته فَالْمُرَادُ بِالسَّبْعَةِ حَيْثُ يَقُولُ عَقِيبَ الْحَدِيثِ: أَخْرَجَهُ السَّبْعَةُ هُمْ الَّذِينَ بَيَّنَهُمْ بِالْإِبْدَالِ مِنْ لَفْظِ الْعَدَدِ. (أَحْمَدُ) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَدْ وَسَّعَ الشَّارِحُ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي تَرَاجِمِ السَّبْعَةِ، فَنَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرٍ يُعْرَفُ بِهِ شَرِيفُ صِفَاتِهِمْ، وَأَزْمِنَةُ وِلَادَتِهِمْ وَوَفَاتِهِمْ. فَنَقُولُ: وُلِدَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ صَغِيرًا وَرَحَلَ لِطَلَبِهِ إلَى الشَّامِ وَالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَغَيْرِهَا حَتَّى أُجْمِعَ عَلَى إمَامَتِهِ وَتَقْوَاهُ وَوَرَعِهِ وَزَهَادَتِهِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَتْ كُتُبُهُ اثْنَيْ عَشْرَ جَمَلًا وَكَانَ يَحْفَظُهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، وَكَانَ يَحْفَظُ أَلْفَ أَلْفَ حَدِيثٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: خَرَجْت مِنْ بَغْدَادَ وَمَا خَلَّفْت بِهَا أَتْقَى وَلَا أَزْهَدَ وَلَا أَوْرَعَ وَلَا أَعْلَمَ مِنْهُ، وَأَلَّفَ الْمُسْنَدَ الْكَبِيرَ أَعْظَمَ الْمَسَانِيدِ وَأَحْسَنَهَا وَضْعًا وَانْتِقَادًا، فَإِنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ فِيهِ إلَّا مَا يَحْتَجُّ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ انْتَقَاهُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ وَخَمْسِينَ أَلْفِ حَدِيثٍ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ بِبَغْدَادَ مَدِينَةِ السَّلَامِ، وَقَبْرُهُ مَعْرُوفٌ مَزُورٌ. وَقَدْ أُلِّفَتْ فِي تَرْجَمَتِهِ كُتُبٌ مُسْتَقِلَّةٌ بَسِيطَةٌ.

(وَالْبُخَارِيُّ) هُوَ الْإِمَامُ الْقُدْوَةُ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، مَوْلِدُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، طَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ صَغِيرًا. وَرَدَّ عَلَى بَعْضِ مَشَايِخِهِ غَلَطًا وَهُوَ فِي إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً فَأَصْلَحَ كِتَابَهُ مَنْ حَفِظَهُ. سَمِعَ الْحَدِيثَ بِبَلْدَةِ بُخَارَى ثُمَّ رَحَلَ إلَى عِدَّةِ أَمَاكِنَ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَأَلَّفَ الصَّحِيحَ مِنْهُ مِنْ زُهَاءِ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ، أَلَّفَهُ بِمَكَّةَ وَقَالَ: مَا أَدْخَلْت فِيهِ إلَّا صَحِيحًا، وَأَحْفَظُ مِائَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>