للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٦٢ - وَعَنْ جُذَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَتْ: «حَضَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُنَاسٍ، وَهُوَ يَقُولُ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ فَنَظَرْت فِي الرُّومِ وَفَارِسَ، فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ أَوْلَادَهُمْ شَيْئًا ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ الْعَزْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وَعَنْ جُذَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ، وَيُرْوَى بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قِيلَ وَهُوَ تَصْحِيفٌ هِيَ أُخْتُ عُكَاشَةَ بْنِ مُحْصِنٍ مِنْ أُمِّهِ هَاجَرَتْ مَعَ قَوْمِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ أُنَيْسِ بْنِ قَتَادَةَ مُصَغَّرُ أَنَسٍ (قَالَتْ: «حَضَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُنَاسٍ، وَهُوَ يَقُولُ لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ» بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ («فَنَظَرْت فِي الرُّومِ، وَفَارِسَ فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ أَوْلَادَهُمْ شَيْئًا ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ) اشْتَمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ " الْأُولَى الْغِيلَةُ " تَقَدَّمَ ضَبْطُهَا، وَيُقَالُ لَهَا الْغَيَلُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ مَعَ فَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، وَالْغِيَالُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِهَا مُجَامَعَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ تُرْضِعُ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ، وَالْأَصْمَعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَقِيلَ هِيَ أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ، وَهِيَ حَامِلٌ، وَالْأَطِبَّاءُ يَقُولُونَ إنَّ ذَلِكَ دَاءٌ، وَالْعَرَبُ تَكْرَهُهُ وَتَتَّقِيهِ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَبَيَّنَ عَدَمَ الضَّرَرِ الَّذِي زَعَمَهُ الْعَرَبُ، وَالْأَطِبَّاءُ بِأَنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَلَا ضَرَرَ يَحْدُثُ مَعَ الْأَوْلَادِ، وَقَوْلُهُ «فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ» مِنْ أَغَالَ يُغِيلُ "، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْعَزْلُ "، وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ، وَهُوَ أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ بَعْدَ الْإِيلَاجِ لِيُنْزِلَ خَارِجَ الْفَرْجِ، وَهُوَ يُفْعَلُ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ أَمَّا فِي حَقِّ الْأَمَةِ فَلِئَلَّا تَحْمِلَ كَرَاهَةً لِمَجِيءِ الْوَلَدِ مِنْ الْأَمَةِ، وَلِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْحُرَّةِ فَكَرَاهَةَ ضَرَرِ الرَّضِيعِ إنْ كَانَ أَوْ لِئَلَّا تَحْمِلَ الْمَرْأَةُ، وَقَوْلُهُ فِي جَوَابِ سُؤَالِهِمْ عَنْهُ «إنَّهُ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ» دَالٌّ عَلَى تَحْرِيمِهِ لِأَنَّ الْوَأْدَ دَفْنُ الْبِنْتِ حَيَّةً، وَبِالتَّحْرِيمِ جَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ الْكِتَابِ هَذَا.

وَقَالَ الْجُمْهُورُ يَجُوزُ عَنْ الْحُرَّةِ بِإِذْنِهَا وَعَنْ الْأَمَةِ السُّرِّيَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَلَهُمْ خِلَافٌ فِي الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ بِحُرٍّ قَالُوا: وَحَدِيثُ الْكِتَابِ مُعَارَضٌ بِحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «كَانَتْ لَنَا جَوَارٍ، وَكُنَّا نَعْزِلُ فَقَالَتْ الْيَهُودُ تِلْكَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَذَبَتْ الْيَهُودُ، وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَهُ لَمْ تَسْتَطِعْ رَدَّهُ» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَالثَّانِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ يَحْمِلُ النَّهْيَ فِي حَدِيثِ جُذَامَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>