للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٢٥ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ إيلَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فَوَقَّتَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.

أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ أَخُو عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ كَانَ سُلَيْمَانُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ ثِقَةً فَاضِلًا وَرَعًا حُجَّةً، هُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ رَوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً (قَالَ أَدْرَكْت بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّهُمْ يَقِفُونَ الْمُولَى. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ). وَفِي الْإِرْشَادِ لِابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ اهـ. يُرِيدُ أَقَلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ بِضْعَةَ عَشَرَ. وَقَوْلُهُ: يَقِفُونَ بِمَعْنَى يَقِفُونَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَمَا أَخْرَجَهُ إسْمَاعِيلُ هُوَ ابْن أَبِي إدْرِيس عَنْ سُلَيْمَانَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْنَا النَّاسَ يَقِفُونَ الْإِيلَاءَ إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ فَإِطْلَاقُ رِوَايَةِ الْكِتَابِ مَحْمُولَةٌ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُقَيَّدَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ الرَّجُلِ يُولِي، فَقَالُوا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَيُوقَفُ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَأَخْرَجَ إسْمَاعِيلُ الْمَذْكُورُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ " إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ " وَأَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَثَرَ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ " أَيُّمَا رَجُلٍ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ أَوْ يَفِيءَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ إذَا مَضَتْ حَتَّى يُوقَفَ ".

وَفِي الْبَابِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ عَنْ السَّلَفِ كُلُّهَا قَاضِيَةٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ إيقَافِ الْمُولِي وَمَعْنَى إيقَافِهِ هُوَ أَنْ يُطَالَبَ إمَّا بِالْفَيْءِ وَإِمَّا بِالطَّلَاقِ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ وَعَلَيْهِ دَلَّ ظَاهِرُ الْآيَةِ إذْ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يَدُلُّ قَوْلُهُ سَمِيعٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِقَوْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ السَّمْعُ، وَلَوْ كَانَ يَقَعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَكَفَى قَوْلُهُ عَلِيمٌ لِمَا عُرِفَ مِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ فَوَاصِلَ الْآيَاتِ تُشِيرُ إلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ السَّابِقَةُ، فَإِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ رَجْعِيًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلِغَيْرِهِمْ تَفَاصِيلُ لَا يَقُومُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ.

(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ كَانَ إيلَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فَوَقَّتَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ) وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَنْهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كَانَتْ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَحْلِفُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ. وَفِي لَفْظٍ " كَانُوا يُطَلِّقُونَ الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ وَالْإِيلَاءَ فَنَقَلَ تَعَالَى الْإِيلَاءَ وَالظِّهَارَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ إيقَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>