للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٧٦ - وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ: أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا، أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةٍ مَا حَبَسُوا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

١٠٧٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ:

أَجَبْتُك وَلَسْت قَاضِيًا فَأَقْضِي، وَلَا سُلْطَانًا فَأَمْضِي، وَلَا زَوْجًا فَأُرْضِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْوَقْفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيَكُونُ قَوْلًا رَابِعًا.

(الْقَوْلُ الْخَامِسُ) أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً وَزَوْجُهَا مُعْسِرٌ كُلِّفَتْ الْإِنْفَاقَ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ.

وَرُدَّ بِأَنَّ الْآيَةَ سَاقَهَا فِي نَفَقَةِ الْمَوْلُودِ الصَّغِيرِ وَلَعَلَّهُ لَا يَرَى التَّخْصِيصَ بِالسِّيَاقِ.

(الْقَوْلُ السَّادِسُ) لِابْنِ الْقَيِّمِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ، أَوْ كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَإِنَّهُ لَا فَسْخَ لَهَا وَإِلَّا كَانَ لَهَا الْفَسْخُ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ عِلْمَهَا بِعُسْرَتِهِ وَلَكِنْ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ تَزَوُّجِهِ ثُمَّ أَعْسَرَ لِلْجَائِحَةِ لَا يَظْهَرُ وَجْهُ عَدَمِ ثُبُوتِ الْفَسْخِ لَهَا.

وَإِذَا عَرَفْت هَذِهِ الْأَقْوَالَ عَرَفْت أَنَّ أَقْوَاهَا دَلِيلًا وَأَكْثَرَهَا قَائِلًا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْفَسْخِ فِي تَأْجِيلِهِ بِالنَّفَقَةِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُؤَجَّلُ شَهْرًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ حَمَّادٌ: سَنَةً وَقِيلَ: شَهْرًا، أَوْ شَهْرَيْنِ.

(قُلْت): وَلَا دَلِيلَ عَلَى التَّعْيِينِ بَلْ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّضَرُّرُ الَّذِي يُعْلَمُ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّطْلِيقُ قَالَ تُرَافِعُهُ الزَّوْجَةُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُنْفِقَ أَوْ يُطَلِّقَ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَسْخٌ تُرَافِعُهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَثْبُتَ الْإِعْسَارُ ثُمَّ تَفْسَخُ هِيَ وَقِيلَ: تُرَافِعُهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُجْبِرَهُ عَلَى الطَّلَاقِ، أَوْ يَفْسَخَ عَلَيْهِ، أَوْ يَأْذَنَ لَهَا فِي الْفَسْخِ، فَإِنْ فَسَخَ، أَوْ أَذِنَ فِي الْفَسْخِ، فَهُوَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ، وَإِنْ أَيْسَرَ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ طَلَّقَ كَانَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَهُ فِيهِ الرَّجْعَةُ.

(وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا، أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حَبَسُوا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ).

تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ وَجْهِ هَذَا الرَّأْيِ مِنْ عُمَرَ، وَأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ عِنْدَهُ لَا تَسْقُطُ بِالْمَطْلِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَعَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْأَزْوَاجِ الْإِنْفَاقُ، أَوْ الطَّلَاقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>