للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالُوا فِي بَابِ الطَّوَافِ: (إنَّ) الْبُدَاءَةَ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (شَرْطٌ) ، فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِهِ لَمْ يُحْسَبْ، (فَإِذَا) عَادَ ثَانِيًا حُسِبَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْفَاتِحَةِ قَصْدَ التَّكْمِيلِ صَارِفٌ (لِجَعْلِهِ) مُبْتَدَأً؛ فَلِهَذَا لَمْ (نَجْعَلْهُ) ابْتِدَاءً بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَرَّةٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَكْمِيلَ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا قَصَدَ (بِهِ) الْبُدَاةَ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ بَدَأَ مِنْ غَيْرِ مَوْضِعِ الْبُدَاءَةِ فَجَازَ الْإِتْمَامُ لَهُ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمُوَالَاةَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ شَرْطٌ فَلَمْ يَكُنْ قَصْدُ الِابْتِدَاءِ بَعْدَ قَصْدِ التَّكْمِيلِ مُوجِبًا، لِجَعْلِهِ مُبْتَدَأً، بِخِلَافِ الطَّوَافِ، فَإِنَّ (الْمُوَالَاةَ) لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ فَكَانَ مَا جَاءَ بِهِ سَابِقًا لَا يُنَافِي الْمَأْتِيَّ بِهِ آخِرًا، وَمِنْ نَظَائِرِهِ مَا لَوْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ قَبْلَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ فِي الْأَصْلِ وَغَلِطَ، بَلْ (يُحْسَبُ) لَهُ غَسْلُ الْكَفِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي حُسْبَانِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَالْأَصَحُّ لَا يُحْسَبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ (السُّنَنِ) شَرْطٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَلِكَلَامِ الرَّوْضَةِ) مَحْمَلٌ صَحِيحٌ بَيَّنْتُهُ فِي الْخَادِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>