للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَغْرَمُ " لِزَوْجِهَا " الْكَافِرِ الْمَهْرَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ، فَلَوْ كَانَ قَدْ طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَمْ يَغْرَمْ لَهُ الْمَهْرَ حَتَّى يُرَاجِعَ لِتَظْهَرَ رَغْبَتُهُ.

وَهَذِهِ صُورَةُ رَجْعَةٍ لَا لِحَقِيقَتِهَا، بَلْ لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ ظُهُورُ " رَغْبَتِهِ " لِيَغْرَمَ لَهُ الْمَهْرَ وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُرَاجِعَ الْمُسْلِمَةَ، وَحَكَى الْإِمَامُ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ خَرَّجُوا قَوْلًا أَنَّهُ لَا " تُعْتَبَرُ " رَجْعَةً، لِأَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهَا.

وَأَمَّا الرِّدَّةُ " فَإِنَّ " الْقِيَاسَ " أَنَّهُ " لَا تُوصَفُ بِالصِّحَّةِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْمَعَاصِي، " لَكِنَّهَا " لَمَّا حَلَّتْ الْعَقْدَ الْعَظِيمَ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وُصِفَتْ بِذَلِكَ فَيُقَالُ تَصِحُّ الرِّدَّةُ مِنْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الصِّحَّةَ وَالْحُكْمَ بِهَا عَقْلِيَّانِ أَوْ شَرْعِيَّانِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي أَنَّ الْعُقُودَ إذَا أُطْلِقَتْ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ " أَوْ الْفَاسِدِ "، حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي " كَلَامِهِ عَلَى " الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهَا بِالصَّحِيحِ.

وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ.

وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ سَيَأْتِي خِلَافٌ فِي أَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ أَوَّلًا، كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَلَا يَصُومُ، وَقَدْ اُسْتُنْكِرَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي اخْتِصَاصِهَا بِالصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْعُقُودِ.

قُلْت وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ صَحِيحٌ وَمِمَّنْ حَكَاهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ أَوْضَحْته فِي خَادِمِ الرَّافِعِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>