للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ عَبَّرَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ بِقَوْلِهِ (مَنْ لَمْ يَضْمَنْ) الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ لَا يَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ كَالْبَائِعِ لَمَّا ضَمِنَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ نَقْصِهِ فِي يَدِهِ، وَكَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا بِآفَةٍ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَذَاكَ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ نَقْصِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُهُ بِثَمَنِهِ، وَأَمَّا مَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ فَيَضْمَنُ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ فِي يَدِهِ كَالْغَاصِبِ.

الْعَاشِرَةُ: إنَّمَا يُضْمَنُ الْمُتَمَوَّلُ أَمَّا مَا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ فِي الْحَالِ، لَكِنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمَالِ فَلَا.

وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ (رَجُلٌ) الْأَسِيرَ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ الرِّقَّ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ فَوَّتَ الْإِرْقَاقَ فَهَلَّا كَانَ بِمَثَابَةِ تَفْوِيتِ الرِّقِّ بِالْغُرُورِ وَالْمَغْرُورُ (يَلْتَزِمُ الْقِيمَةَ كَقَطْعِ الرِّقِّ مِنْ الْحُرِّ إنْ قُلْنَا ذَاكَ الرِّقُّ كَانَ يَجْرِي لَا مَحَالَةَ لَوْلَا الْغُرُورُ فَالْمَغْرُورُ) دَفَعَ الرِّقَّ الَّذِي لَا حَاجَةَ لِتَحْصِيلِهِ وَالرِّقُّ لَا يَجْرِي عَلَى الْأَسِيرِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ، وَأَشْبَهَ الْأَشْيَاءِ بِمَا نَحْنُ فِيهِ إتْلَافُ الْجِلْدِ الْقَابِلِ لِلدِّبَاغِ قَبْلَ الدِّبَاغِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مَعَ تَهَيُّئِهِ لِلدِّبَاغِ ابْتِدَاءً فَإِنْشَاءُ الدِّبَاغِ كَإِنْشَاءِ الْإِرْقَاقِ.

وَهَذَا بِخِلَافِ الْخَمْرَةِ الْمُحْتَرَمَةِ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تُرِكَتْ فَإِلَى التَّخْلِيلِ مَصِيرُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>