للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّا يَشْهَدُ لِإِجْرَاءِ الْخِلَافِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِلْإِمَامِ، فَلَوْ وَجَدَ الْمَسَاكِينَ " وَلَمْ " يَدْفَعْهَا إلَيْهِمْ وَأَخَّرَهُمْ لِلدَّفْعِ لِلْإِمَامِ فَتَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ، " وَأَجْرَوْهُمَا " فِيمَا إذَا اسْتَحْبَبْنَا " لِلتَّمَتُّعِ " تَأْخِيرَ الصَّوْمِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى وَطَنِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ الْفَرَاغَ مِنْ الْحَجِّ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فَهَلْ يُفْدَى عَنْهُ إذَا مَاتَ فِي الطَّرِيقِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ لَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُودِع وَكَانَ لَهُ عُذْرٌ فَيَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ ثُمَّ لَوْ تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ " فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ "، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا بِهَذَا التَّأْخِيرِ، وَنُقِلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ تَفْصِيلٌ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالرَّاجِحُ " أَنَّهُ " لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ السَّابِقَةِ وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.

وَمِثْلُهُ دَمُ الْقِرَانِ، وَكَذَلِكَ أَفْعَالُ يَوْمِ النَّحْرِ كَالْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَإِنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى يَوْمِ النَّحْرِ.

وَمِنْهَا: زَكَاةُ الْفِطْرِ تَجِبُ بِالْغُرُوبِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى يَوْمِ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ.

وَمِنْهَا: الْمَرْأَةُ إذَا مَنَعَهَا الزَّوْجُ مِنْ الْحَجِّ ثُمَّ مَاتَتْ هَلْ تَعْصِي؟ " فِيهِ " مَا قُلْنَاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الرَّجُلُ " الْحَجَّ " وَمَعَهُ مَالٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلنِّكَاحِ فَإِنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّزْوِيجُ إنْ خَافَ الْعَنَتَ فَعَلَى هَذَا هُوَ مَأْمُورٌ بِتَأْخِيرِ الْحَجِّ فَلَوْ مَاتَ فَفِي عِصْيَانِهِ مَا ذَكَرْنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>