للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ: وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَظْنُونِ حُصُولُهُ بِخِلَافِ " لَنْ " فَإِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَشْكُوكِ حُصُولُهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ النَّفْيُ بِ لَنْ آكَدُ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ، " لَا " لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ " كَإِنَّ " لِتَأْكِيدِ الْإِثْبَاتِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ عُمْدَتَهُ فِي إعْمَالِ " لَا " عَمَلَ " إنَّ " وَأَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ النَّقِيضَ عَلَى النَّقِيضِ، وَقَدْ اُسْتُنْكِرَ ذَلِكَ مِنْهُ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ " إنَّ " دَاخِلَةٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَأَكَّدَتْهُ، وَ " لَا " لَمْ تَدْخُلُ عَلَى نَفْيٍ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهَا لِنَفْيٍ مُؤَكَّدٍ، أَوْ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُرَجِّحُ ظَرْفَ النَّفْيِ الْمُحْتَمِلِ فِي أَصْلِ الْقَضِيَّةِ رُجْحَانًا " قَوِيًّا " أَكْثَرَ مِنْ تَرْجِيحِ " مَا " وَيَدُلُّ عَلَيْهِ بِنَاءُ الِاسْمِ مَعَهَا لِيُفِيدَ نِسْبَةَ الْعُمُومِ.

وَهِيَ إمَّا تَتَنَاوَلُ الْأَفْعَالَ وَتَكُونُ عَاطِفَةً، وَفِيهَا مَعْنَى النَّفْيِ، نَحْوُ قَامَ زَيْدٌ لَا عَمْرٌو، فَلَا تَعْمَلُ فِي لَفْظِهَا شَيْئًا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} [يس: ٥٠] {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة: ٢٥٥] فَأَمَّا قَوْلُهُ {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} [القيامة: ٣١] فَقَالُوا: الْمَعْنَى لَمْ يُصَدِّقْ وَلَمْ يُصَلِّ، وَإِمَّا أَنْ تَتَنَاوَلَ الْأَسْمَاءَ، فَإِمَّا أَنْ تَلِيَ الْمَعَارِفَ أَوْ النَّكِرَاتِ، فَاَلَّتِي تَلِي النَّكِرَاتِ إنْ أُرِيدَ بِنَفْيِهَا نَفْيُ الْجِنْسِ بُنِيَتْ مَعَ اسْمِهَا، وَإِنْ أُرِيدَ نَفْيُ الْوِحْدَةِ فَهِيَ الْعَامِلَةُ عَمَلَ لَيْسَ، وَبِهَذَا تَقُولُ: لَا رَجُلَ فِيهَا بَلْ رَجُلَانِ. وَاَلَّتِي تَلِي الْمَعَارِفَ لَا تَعْمَلُ فِيهَا شَيْئًا وَيَلْزَمُهَا التَّكْرَارُ، نَحْوُ لَا زَيْدٌ فِيهَا وَلَا عَمْرٌو. وَقَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: وَهِيَ عَكْسٌ " بَلْ "؛ لِأَنَّ " بَلْ " أَضْرَبْت بِهَا عَنْ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي فَثَبَتَ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ لِلْأَوَّلِ لِلثَّانِيَّ، وَ " لَا " بَدَّلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>