للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] أَيْ: مُحْدِثِينَ بِاتِّفَاقِ الْمُفَسِّرِينَ، وَعَلَى هَذَا يَسْتَوِي حُكْمُ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: مَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ احْتِجَاجِ الشَّافِعِيِّ فِي التَّيَمُّمِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ تَكْرِيرِ التَّيَمُّمِ لَا يَصْلُحُ الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَصِحَّ وُجُوبُ تَكْرِيرِ الصَّلَاةِ فَيُجْرَى أَمْرُ التَّيَمُّمِ عَلَى مَا يُجْرَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا. وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُنَاسِبًا لِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ عِلَّتُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: ٣٨] وَكَآيَةِ الْقَذْفِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّلَ يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَتَكَرَّرْ إلَّا بِدَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ اللَّفْظُ لَهُ وَلَكِنْ يَدُلُّ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يُشْعِرُ بِالْعِلِّيَّةِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمَحْصُولِ " وَالْبَيْضَاوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ " وَالْخَامِسُ: أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَالْمُعَلَّقُ بِصِيغَةٍ يَقْتَضِيهِ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ " وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ ": الَّذِي يَصِحُّ وَارْتَضَاهُ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ الْمُقَيَّدَ بِشَرْطٍ لَا يَتَضَمَّنُ تَكْرَارَ الِامْتِثَالِ عِنْدَ تَكَرُّرِ الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهُوَ عَلَى الْوَقْفِ فِيمَا عَدَاهَا، وَصَرَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّكْرَارِ فِي الْعِلِّيَّةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا فَصَّلَ الْآمِدِيُّ فِي الصِّيغَةِ التَّفْصِيلَ السَّابِقَ فَصَّلَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الشَّرْطِ، فَقَالَ: إنْ اقْتَضَى التَّكْرَارَ، نَحْوُ كُلَّمَا جَاءَك وَمَتَى مَا جَاءَك فَأَعْطِهِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِحُكْمِ الْقَرِينَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ فَلَا تَخْرُجُ صِيغَتُهُ عَنْ مَوْضُوعِهَا الْأَصْلِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>