للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ: يُحْمَلُ عَلَى الْمُفَارِقِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا أُضِيفَ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَنَا انْسِحَابُ الْفَسَادِ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ مَا لَمْ يَصْرِفْ صَارِفٌ، وَعِنْدَهُ بِالْعَكْسِ. قَالَ صَاحِبُ التَّقْوِيمِ ": قَالَ عُلَمَاؤُنَا: مُطْلَقُ النَّهْيِ عَنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَتَحَقَّقُ حِسًّا يَنْصَرِفُ إلَى مَا قَبُحَ لِعَيْنِهِ، وَعَنْ التَّصَرُّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي تَتَحَقَّقُ شَرْعًا، كَالْعُقُودِ وَالْعِبَادَاتِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا قَبُحَ لِغَيْرِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: يَدُلُّ عَلَى قُبْحِهِ فِي عَيْنِهِ، وَقَالَ بَعْضُ مُحَقِّقِيهِمْ: النَّهْيُ بِلَا قَرِينَةٍ يَقْتَضِي الْقُبْحَ لِعَيْنِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَفَائِدَتُهُ بُطْلَانُ التَّصَرُّفِ، وَعِنْدَنَا يَقْتَضِي الْقُبْحَ لِغَيْرِهِ وَالصِّحَّةَ لِأَصْلِهِ. قَالَ: وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ سَبَبُ الْقُبْحِ لِغَيْرِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ وَصْفًا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَنَا يَكُونُ صَحِيحًا بِأَصْلِهِ لَا بِوَصْفِهِ. وَقَدْ اعْتَاصَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ فَذَهَبُوا إلَى آرَاءَ مُعْضِلَةٍ تُدَانِي مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالثَّالِثُ: اللَّازِمُ، كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ، وَعَنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، فَعِنْدَنَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى إنَّهُ قَالَ: مَنْ نَذَرَ صَوْمًا فَصَامَ يَوْمَ الْعِيدِ يُجْزِئُهُ وَيَنْعَقِدُ مَعَ وَصْفِ الْفَسَادِ. وَالرَّابِعُ: الْخَارِجُ الْمُقَارِنُ، فَلَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>