للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ لِمُدَّةِ الِاسْتِمَاعِ وَقْتٌ مُحَدَّدٌ، وَلَكِنْ بِانْتِهَاءِ الْكَلَامِ، فَكَذَلِكَ مَنْ سَمِعَ آيَةً عَامَّةً نَظَرَ، وَلَا مُدَّةَ لِنَظَرِهِ أَكْثَرَ مِنْ زَمَانٍ يَخْطُرُ بِبَالِهِ مَا قَدْ عَلِمَهُ مِنْ الْأُصُولِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِهَا وَاحْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ أَجْرَاهَا عَلَى الْعُمُومِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ سَأَلَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا أَوْ ازْدَادَ فِي التَّأَمُّلِ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْأُصُولِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَتَنَبَّهَ بِهِ عَلَى خُصُوصٍ إنْ كَانَ فِيهَا كَمَا سَأَلَ الصَّحَابَةُ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] وَقَالُوا أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣] وَسَأَلُوا النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ قَوْلِهِ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَهُ كَرِهَ لِقَاءَهُ» فَقَالُوا أَيُّنَا لَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ فَكَشَفَ لَهُمْ عَنْ الْمَعْنَى. وَلَيْسَ كُلُّ مَا قَدَرَ حَصْرُهُ بِمِقْدَارٍ، تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ، كَمَا تَقُولُ فِي التَّوَاتُرِ: أَنْ يَكُونَ عَدَدًا يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، قَالَ: وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ قَوْلِ مَنْ نَظَرَ إلَى إبْطَالِ النَّظَرِ فِي مَعْنَى الْعُمُومِ لِجَهْلِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا النَّظَرُ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي " شَرْحِ الْكِفَايَةِ ": وَلَا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ أَبَدًا؛ بَلْ هُوَ كَالْحَاكِمِ يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ الْأَوَّلُ هُوَ الْوَاجِبُ دُونَ التَّكْرَارِ، كَالْمُجْتَهِدِ تَنْزِلُ بِهِ الْحَادِثَةُ.

قَالَ الشَّيْخُ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": الْمُوجِبُونَ لِلْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ، إنْ أَرَادُوا بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمُجْتَهِدِ مِنْ نَظَرِهِ فِيمَا تَأَخَّرَ مِنْ النُّصُوصِ، أَوْ مَا يَتَيَسَّرُ لَهُ مُرَاجَعَتُهُ مِمَّا سَتَعْرِفُهُ بِاحْتِمَالِ التَّخْصِيصِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>