للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّهُ لِمَعْنًى دُونَ مَعْنًى صُيِّرَ إلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا أُجْرِيَ عَلَى عُمُومِهِ.

قَالَ: وَذَكَر الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ " مَا يُومِئُ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ طَلَبُ الدَّلَائِلِ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَ الْحَتْمِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. عَلَى وُجُوبِ طَلَبِ الدَّلَائِلِ الْمُمَيِّزَةِ بَيْنَ مَوَاقِعِ الْكَلَامِ، وَلَمْ يَكِلْهُمْ إلَى نَفْسِ الْكَلَامِ.

قَالَ: وَهَذَا الظَّنُّ غَلَطٌ، لِأَنَّ أَبَا الْحَسَن يَرَى أَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي الْعُمُومِ، وَالظَّاهِرُ يُفِيدُ الظَّنَّ، وَالظَّنُّ إنَّمَا يَنْتَفِي بِالْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصَاتِ، وَالْوَاقِفِيَّةُ لَا يَرَوْنَ عَامًّا لَا ظَاهِرًا وَلَا نَصًّا انْتَهَى.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ: الْقَوْلُ بِالتَّوَقُّفِ عَلَى التَّخْصِيصِ لَيْسَ هُوَ بِقَوْلِ الْوَقْفِ، لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْعُمُومِ طَلَبُوا مَا يُمْنَعُ إجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا مَا يُوجِبُهُ عَمِلُوا بِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَأَصْحَابُ الْوَقْفِ طَلَبُوا دَلِيلَهُ الَّذِي يُبَيِّنُ مُرَادَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا لَمْ يَعْمَلُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ.

وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ: لَيْسَ هَذَا بِآيِلٍ إلَى قَوْلِ الْوَقْفِ فِي الصِّيَغِ كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ يَقُولُ: إذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْأُصُولِ مَا يَخُصُّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَالْأَشْعَرِيُّ لَا يَقُولُ ذَلِكَ، وَيَتَوَقَّفُ فِيهِ عَلَى الدَّلِيلِ، فَافْتَرَقَا.

وَقَالَ سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ ": نَحْنُ نُفَارِقُ الْوَاقِفِيَّةَ فِي الصِّيَغِ مِنْ وِجْهَتَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنَّا إذَا لَمْ نَجِدْ فِي الْأُصُولِ قَرِينَةَ التَّخْصِيصِ أُجْرِيَ اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ. وَالْأَشْعَرِيُّ لَا يَقُولُ ذَلِكَ، لَكِنْ يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ.

وَالثَّانِي: أَنَّا نَطْلُبُ الدَّلِيلَ لِإِخْرَاجِ مَا لَيْسَ بِمُرَادٍ بِاللَّفْظِ، وَالْأَشْعَرِيُّ يَطْلُبُ الدَّلِيلَ لِمَعْرِفَةِ مَا هُوَ مُرَادٌ بِاللَّفْظِ، فَهُوَ لِبَيَانِ الْمُحَالِ دُونَ بَيَانِ الْعُمُومِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>