للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّحِيحُ أَنَّ " أَجْمَعِينَ " لَا يَقْتَضِي الِاتِّحَادَ فِي الزَّمَانِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٢] وَلِذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ إذَا جَمَعَ فِي التَّأْكِيدِ بَيْنَ " كُلٍّ " وَ " أَجْمَعَ " فِي أَنَّ التَّأْكِيدَ حَاصِلٌ بِهِمَا مَعًا، أَوْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا الَّذِي أَفَادَهُ الثَّانِي وَرَفْعُ تَوَهُّمِ الْمَجَازِ حَصَلَ بِالْأَوَّلِ؟ وَإِنْ حَصَلَ بِهِمَا جَمِيعًا، فَكَيْفَ ذَلِكَ مِنْ الْوَاحِدِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَقْصُودَ زِيَادَةُ التَّأْكِيدِ وَتَقْوِيَتُهُ كَمَا فِي التَّوَابِعِ الْآتِيَةِ بَعْدَ " أَجْمَعَ " إنَّمَا تُفِيدُ تَمْكِينَهُ فِي النَّفْسِ. وَمَنَعَ ابْنُ مَالِكٍ وَالسُّهَيْلِيُّ جَوَازَ تَثْنِيَةِ " أَجْمَعَ "، زَادَ السُّهَيْلِيُّ: وَجَمْعَهُ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى " كُلٍّ " وَهِيَ لَا تُثَنَّى، وَلَا تُجْمَعُ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ سِيدَهْ وَالْجَوْهَرِيُّ بِأَنَّ " أَجْمَعِينَ " جَمْعُ " أَجْمَعَ "، وَمَنَعَ ذَلِكَ الزَّوْزَنِيُّ فِي شَرْحِ " الْمُفَصَّلِ " وَقَالَ: أَجْمَعُونَ لَيْسَ جَمْعًا لِأَجْمَعَ، وَإِلَّا لَتَنَكَّرَ بِالْجَمْعِ، كَمَا يَتَنَكَّرُ الزَّيْدُون؛ بَلْ هُوَ مُرْتَجَلٌ، كَذَلِكَ عُلِمَ مَعْنَاهُ. وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ إفَادَةَ الْعُمُومِ مِنْ " جَمِيعِ " لِأَنَّهَا لَا تُضَافُ إلَّا إلَى مَعْرِفَةٍ، تَقُولُ: جَمِيعُ الْقَوْمِ قَوْمُكَ، وَلَا تَقُولُ: جَمِيعُ قَوْمٍ، وَمَعَ التَّعْرِيفِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ يَكُونُ الْعُمُومُ مُسْتَفَادًا مِنْهَا لَا مِنْ لَفْظَةِ جَمِيعٍ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْعُمُومَ مُسْتَفَادٌ مِنْ " جَمِيعٍ " وَالْأَلِفُ اللَّامُ لِبَيَانِ الْحَقِيقَةِ، أَوْ هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَ " جَمِيعُ " لِلتَّأْكِيدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>