للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَالِثٌ، فَلَا تَحْقِيقَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ. فَإِنَّ الْمَجْمُوعَ فَصْلٌ وَاحِدٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا جَعَلُوهُ فَصْلًا هُوَ جُزْءُ الْفَصْلِ، وَلَمَّا ذَهَبَ الْإِمَامُ إلَى بُطْلَانِ قَاعِدَةِ الْعِلِّيَّةِ جَوَّزَ الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ. الْأَوَّلُ: لِجَوَازِ تَرْكِيبِ الشَّيْءِ مِنْ أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ كَالْحَيَوَانِ، وَالْأَبْيَضِ. فَالْمَاهِيَّةُ إذَنْ تَرَكَّبَتْ مِنْهُمَا، لِكَوْنِ الْحَيَوَانِ جِنْسًا وَالْأَبْيَضِ فَصْلًا لَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَيَوَانِ الْأَسْوَدِ وَبِالْعَكْسِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَمَادِ الْأَبْيَضِ. فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا جِنْسًا وَفَصْلًا، وَهُوَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ. وَفَصْلًا يُقَارِنُ جِنْسَيْنِ لَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ. وَهُوَ الْحُكْمُ الثَّانِي الْمُسْتَلْزِمُ لِلثَّالِثِ. وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: ذَهَبَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ الْفَصْلَ الْوَاحِدَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ قَدْ يَكُونُ جِنْسًا لَهُ، وَيَجُوزُ اقْتِرَانُهُ بِجِنْسَيْنِ، فَيَكُونُ مُقَوِّمًا لِنَوْعَيْنِ، وَذَلِكَ فِي الْمَاهِيَّةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ قَيْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ، كَالْحَيَوَانِ الْأَبْيَضِ، فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يَصْدُقُ عَلَى الْأَبْيَضِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَبْيَضَ يَصْدُقُ عَلَى الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ. فَإِنْ جَعَلْت الْحَيَوَانَ جِنْسًا لِهَذِهِ الْمَاهِيَّةِ كَانَ الْأَبْيَضُ فَصْلًا لَهَا. وَإِنْ جَعَلْت الْأَبْيَضَ جِنْسًا لَهَا كَانَ الْحَيَوَانُ فَصْلًا. قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: وَاَلَّذِي نَقُولُهُ: إنَّا نَمْنَعُ أَنَّ مَاهِيَّتَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَتَأَلَّفُ عَنْ هَذَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ وَإِنَّمَا يَتَأَلَّفُ عَنْهُمَا مَاهِيَّةٌ اعْتِبَارِيَّةٌ. وَكَلَامُنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمَاهِيَّاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ شَيْئًا مِنْهَا يَتَرَكَّبُ مِمَّا هَذَا شَأْنُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>