للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ جَعَلَ الْإِمَامُ الْمَرَاتِبَ فِي الرَّدِّ ثَلَاثَةً، فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ اللَّفْظَ نَصٌّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ، لَا يَتَغَيَّرُ إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَهُوَ نَصٌّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الِاثْنَيْنِ، لَا يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَيَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنَصٍّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِحَالٍ، بَلْ إنَّمَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي الزِّيَادَةِ، فَإِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إرَادَةِ الظَّاهِرِ تُرِكَ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى نَوْعٍ مَخْصُوصٍ كَسَائِرِ الظَّوَاهِرِ.

وَقَالَ: إنَّ النَّاظِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَقْصُودُهُ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَنْعِهِ مِنْ التَّكْمِيلِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا يَظْهَرُ عَلَى التَّدْرِيجِ. انْتَهَى.

وَتَحْرِيرُ هَذَا مِنْ النَّفَائِسِ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا. وَقَدْ حَكَى أَصْحَابُنَا فِيمَا لَوْ وَصَّى لِأَقَارِبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا قَرِيبٌ وَاحِدٌ، وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُصْرَفُ إلَيْهِ الْجَمِيعُ، لِأَنَّ الْقَصْدَ جِهَةُ الْقَرَابَةِ. وَالثَّانِي: اعْتِبَارُ الْجَمْعِ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ. [الْخَامِسُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ وَجَمْعِ الْقِلَّةِ]

وَالْخَامِسُ: مَا حَكَاهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ، فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ؛ وَبَيْنَ جَمْعِ الْقِلَّةِ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ، وَلَا يَمْتَنِعُ رُجُوعُهُ إلَى الِاثْنَيْنِ بِقَرِينَةٍ، وَكَذَلِكَ إلَى الْوَاحِدِ وَهُوَ مَجَازٌ، هَذَا كَلَامُهُ.

وَعَنْ ابْنِ عَرَبِي أَنَّهُ ذَكَرَ فِي " الْفُتُوحَاتِ الْمَلَكِيَّةِ " أَنَّهُ رَأَى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ: اثْنَانِ أَمْ ثَلَاثَةٌ؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إنْ أَرَدْت أَقَلَّ جَمْعِ الْأَزْوَاجِ فَاثْنَانِ، وَإِنْ أَرَدْت أَقَلَّ جَمْعِ الْإِفْرَادِ فَثَلَاثَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>