للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ هُوَ بِالْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، أَوْ بِالْعِبَارَةِ الْعُرْفِيَّةِ، أَوْ بِالْعِبْرَةِ الْعَقْلِيَّةِ؟

[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الْخِطَابُ بِ يَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ هَلْ يَشْمَلُ الْكُفَّارَ]

[الْمَسْأَلَةُ] الْخَامِسَةُ الْخِطَابُ بِ (يَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ)

حَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الِاصْطِلَاحِ " عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ غَيْرَهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ، لِأَنَّهُ صَرِيحٌ، ثُمَّ اخْتَارَ التَّعْمِيمَ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ، لِعُمُومِ التَّكْلِيفِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ، وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إنَّمَا خُصُّوا بِالذِّكْرِ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّشْرِيفِ لَا خِطَابِ التَّخْصِيصِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٨] وَقَدْ ثَبَتَ تَحْرِيمُ الرِّبَا فِي حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّنَاوُلِ بِالصِّيغَةِ لَا بِأَمْرٍ خَارِجٍ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَتَنَاوَلُهُمْ لَفْظًا، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، أَوْ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ، وَإِلَّا كَيْفَ بِعُمُومِ الشَّرِيعَةِ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ، وَأَمَّا حَيْثُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ، أَوْ يُمْكِنُ مَعْنًى غَيْرُ شَامِلٍ لَهُمْ، فَلَا يُقَالُ بِثُبُوتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لَهُمْ، لِأَنَّهُ يَكُونُ إثْبَاتَ حُكْمٍ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَالتَّعَلُّقُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْوُجُوبِ، فَلَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَلَا مَعْنًى.

[مَسْأَلَةٌ قَدْ يَجِيءُ الْخِطَابُ بِيَا أَيُّهَا النَّاسُ لِلْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً]

مَسْأَلَةٌ

وَقَدْ يَجِيءُ الْخِطَابُ بِيَا أَيُّهَا النَّاسُ لِلْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الحج: ٧٣] بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعراف: ١٩٤] الْآيَةَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ "، وَقَالَ: إنَّهُ مِنْ الْعُمُومِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>