للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] ، وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١] .

وَنَوْعٌ يَكُونُ الْخِطَابُ لَهُ وَلِلْأُمَّةِ، وَأَفْرَدَهُ بِالْخِطَابِ، لِكَوْنِهِ هُوَ الْمُوَاجَهُ بِالْوَحْيِ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِيهِ، وَالْمُبَلِّغُ لِلْأُمَّةِ، وَالسَّفِيرُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ: الْخِطَابُ لَهُ، وَالْمُرَادُ غَيْرُهُ، وَلَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِذَلِكَ أَصْلًا، كَمَا يَقُولُ السُّلْطَانُ لِمُقَدِّمِ الْعَسَاكِرِ: اُخْرُجْ غَدًا، أَوْ انْزِلْ بِمَكَانِ كَذَا، وَاحْمِلْ عَلَى الْعَدُوِّ فِي وَقْتِ كَذَا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩] ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا} [النساء: ٧٩] .

[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ الْخِطَابُ لِلْأُمَّةِ إنْ اخْتَصَّ بِهِمْ لَا يَدْخُلُ الرَّسُولُ تَحْتَهُ]

[الْمَسْأَلَةُ] الثَّامِنَةُ

الْخِطَابُ لِلْأُمَّةِ إنْ اخْتَصَّ بِهِمْ نَحْوُ: يَا أَيُّهَا الْأُمَّةُ فَلَا يَدْخُلُ الرَّسُولُ تَحْتَهُ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي كِتَابِ " الْإِفَادَةِ "، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: ٢٤] فَالْأَوَّلُ: عَامٌّ. وَالثَّانِي: خَاصٌّ فِينَا دُونَهُ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمَرَنَا بِالِاسْتِجَابَةِ لَهُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا} [الطلاق: ١٠] {رَسُولا} [الطلاق: ١١] ، تَقْدِيرُهُ: اُطْلُبُوا رَسُولًا عَلَى الْإِغْرَاءِ، وَهَذَا أَيْضًا فِينَا دُونَهُ. اهـ. وَإِنْ أَمْكَنَ تَنَاوُلُهُ نَحْوُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَيَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَيَا عِبَادِي، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ يَشْمَلُهُ. وَقِيلَ: لَا، لِأَجْلِ الْخَصَائِصِ الثَّابِتَةِ لَهُ. وَالثَّالِثُ: نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ وَالْحَلِيمِيِّ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَهُ تَبْلِيغٌ: نَحْوُ قُلْ، وَنَحْوِهِ، فَلَا يَشْمَلُهُ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالتَّبْلِيغِ يُؤَثِّرُ فِي عُمُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>