للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ كُلُّ الصَّحَابَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ: (قُمْ فَبَارِزْ) ، فَلَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِ الْمُبَارَزَةُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا حُكِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَادِثَةٍ بَيْنَ نَفْسَيْنِ، كَانَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ تِلْكَ الْحَادِثَةِ، وَهَذَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا انْتَهَى.

وَاقْتَضَى كَلَامُ الْقَاضِي مِنْهُمْ أَنَّهُ عَامٌّ بِعُرْفِ الشَّرْعِ لَا بِوَضْعِ اللُّغَةِ لِلْقَطْعِ بِاخْتِصَاصِهِ بِهِ لُغَةً، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا. وَحَكَى أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا فِي الْمَسْأَلَةِ. وَقَالَ: الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ. قَالَ: وَالثَّانِي أَنَّهُ لِلْعُمُومِ بِدَلِيلِ: حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ، وَعَلَى هَذَا فَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ السَّائِلِ، هَلْ هُوَ بِالْقِيَاسِ أَوْ بِقَوْلِهِ: خِطَابِي لِلْوَاحِدِ خِطَابِي لِلْجَمَاعَةِ؟ وَجْهَانِ، الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ. انْتَهَى. وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ السَّابِقِ رَأْيٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ، ثُمَّ صَوَّرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُمَا الْمَسْأَلَةَ بِخِطَابِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَصَوَّرَهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ مُخَاطَبَةُ الشَّارِعِ وَاحِدًا بِلَفْظٍ مُخْتَصٍّ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُخَاطِبُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، نَحْوُ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: ٦٥] {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} [المائدة: ٦٧] أَوْ الْمُخَاطِبُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدًا مِنْ أُمَّتِهِ.

وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، فَقَالَ: لَا شَكَّ أَنَّ الْخِطَابَ خُصَّ لُغَةً بِذَلِكَ الْوَاحِدِ، وَلَا يَنْبَغِي فِيهِ خِلَافٌ، وَأَنَّهُ عَامٌّ بِحَسَبِ الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ، وَلَا يَنْبَغِي فِيهِ خِلَافٌ، فَلَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>