للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا مُتَعَلِّقًا بِصِفَةٍ، فَيَدُلُّ عَلَى مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَعْلِيلٌ يُوجَدُ فِي بَعْضِ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْعُمُومِ، فَإِذَا عُرِّيَ مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ الْخِلَافُ.

[ذِكْرُ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ هَلْ يُخَصِّصُ الْعَامَّ]

الثَّالِثُ: أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَقْصُرُ عَلَى وُرُودِ الْخَاصِّ بِالنَّصِّ بَلْ إذَا وَرَدَ الْعَامُّ، ثُمَّ وَرَدَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَاءٌ أَوْ فِعْلٌ بِمَا يُوَافِقُ الْعُمُومَ، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ بَيَانٌ لِلْعُمُومِ وَمُفَسِّرٌ لَهُ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ وَمَثَّلَهُ بِقَطْعِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيمَا قِيمَتُهُ ثَلَاثُ دَرَاهِمَ أَوْ عَشَرَةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ.

قَالَ: وَكَذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ أَصْحَابُنَا ثَلَاثَةَ الدَّرَاهِمِ حَدًّا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَلَا عَشَرَةً كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَهْلُ الرَّأْيِ، لِأَنَّ الْعُمُومَ قَدْ ثَبَتَ بِقَطْعِ السُّرَّاقِ أَمْرًا، وَالتَّقْيِيدُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَا سُرِقَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، لِهَذَا لَمْ يَجْعَلْ الْخَبَرَيْنِ فِي قِيمَةِ الْمِجَنَّيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ لِأَنَّ قِيمَتَهُمَا قَدْ تَخْتَلِفُ.

الرَّابِعُ: قَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي بَابِ الْأَوَانِي مِنْ الْمَطْلَبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، فَقَالَ: مَحَلُّ قَوْلِنَا إنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ لَا يُخَصَّصُ مَا إذَا لَمْ يُعَارِضْ الْعُمُومَ عُمُومٌ آخَرُ، فَإِنْ عَارَضَهُ قُدِّمَ، وَمَثَّلَهُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ: «هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» ، وَرِوَايَةِ أَبِي مُوسَى: «حُرِّمَ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي» ، فَاقْتَضَى الثَّانِي تَخْصِيصَ الْأَوَّلِ بِاللُّبْسِ، وَقَدْ عَارَضَ عُمُومَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ: «الَّذِي يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْأَوَانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>