للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّنَافُرُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمَعْنَى فَهُوَ كَالزِّيَادَةِ كَقَوْلِك: الْكَوْنُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ حَرَكَةً أَوْ سُكُونًا أَوْ سَوَادًا، فَإِنَّك أَدْخَلْت فِي جِنْسِ الْكَوْنِ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ اللَّوْنِ فَتَنَافُرُ جِنْسِهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نَوْعًا لَهُ، وَيَرْجِعُ إلَى الزِّيَادَةِ. وَقَدْ يَكُونُ فِي نَظْمِ الْكَلَامِ وَصِفَتِهِ كَقَوْلِك: لَا يَخْلُو اللَّوْنُ الْقَائِمُ بِالْجَوْهَرِ مِنْ أَنْ يَكُونَ سُكُونًا أَوْ يَكُونَ الْجَوْهَرُ مُتَحَرِّكًا.

[مَسْأَلَةٌ تَوَقُّفُ الْمَطْلُوبِ التَّصْدِيقِيِّ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ]

ِ] يَتَوَقَّفُ الْمَطْلُوبُ التَّصْدِيقِيِّ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ لَا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا النُّقْصَانُ عَنْهُمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُقَلَاءِ. قَالُوا: وَهُمَا كَالشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ. قَالُوا: وَالْمُقَدِّمَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُنْتِجُ كَمَا لَا يُنْتِجُ ذَكَرٌ دُونَ أُنْثَى، وَلَا. عَكْسُهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ النَّتِيجَةُ بِازْدِوَاجِ مُقَدِّمَتَيْنِ. وَعَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: أَنَّهُ يَصِحُّ إنْتَاجُ الْمُقَدِّمَةِ الْوَاحِدَةِ، وَقَدْ اُسْتُنْكِرَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ذِكْرُ الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ إذَا كَانَتْ مَشْهُورَةً، وَيَكُونُ حَذْفُهَا إذْ ذَاكَ مِنْ الدَّلِيلِ اخْتِصَارًا لَا اقْتِصَارًا، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَهَذَا كَمَا لَوْ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] فَإِنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مُقَدِّمَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ، وَكُلُّ مَأْمُورٍ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، فَحُذِفَتْ هَذِهِ اخْتِصَارًا، وَلِهَذَا يُسَمَّى بِالْمُضْمَرِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا تُحْذَفُ لِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: إمَّا الِاخْتِصَارُ، وَإِمَّا أَنَّهُ لَوْ صُرِّحَ بِهَا لَمَنَعَهَا الْخَصْمُ، كَقَوْلِنَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ فَهُوَ حَرَامٌ، فَلَوْ صُرِّحَ بِالْكُبْرَى وَهِيَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ لَمَنَعَهَا الْخَصْمُ. وَإِمَّا؛ لِأَنَّهَا كَاذِبَةٌ فَتُضْمَرُ لِئَلَّا يَظْهَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>