للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآيَةُ فَهَذَا مُخْتَصٌّ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ التَّخْيِيرُ.

الثَّالِثُ: خِطَابٌ خَاصُّ اللَّفْظِ عَامُّ الْمَعْنَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [الأنعام: ٦٨] الْآيَةُ الْخِطَابُ مَعَهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأُمَّةُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} [النساء: ١٤٠] وَلَمْ يُنَزِّلْ فِي الْكِتَابِ إلَّا هَذِهِ الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] وَقَوْلِهِ: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: ١٠٥] قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَا يُصَارُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِدَلِيلِ غَيْرِ الْخِطَابِ، وَأَنْكَرَ ابْنُ حَزْمٍ فِي " الْإِحْكَامِ " وُجُودَ هَذَا الْقِسْمِ، وَقَالَ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ مَحْجُوبٌ بِمَا ذَكَرْنَا.

الرَّابِعُ: خِطَابٌ عَامُّ اللَّفْظِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، وَهَذَا اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى جَوَازِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: ١٧٣] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ الْأَوَّلُ: نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ أَوْ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ ". قَالَ الْكَرْخِيُّ: وَهُوَ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ وَإِذَا خَاطَبَ بِذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَدُلَّنَا عَلَى مُرَادِهِ بِهِ. وَهَلْ يَجِبُ مُقَارَنَةُ الدَّلِيلِ الْخِطَابَ، أَوْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ.

وَذَهَبَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ إلَى إنْكَارِ هَذَا الْقِسْمِ، لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْخُصُوصِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ بِالْجُمْلَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: ١٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>