للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ فَهُوَ الْعَامُّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ مَعْنَاهُ مُخَرَّجًا مِنْهُ بَعْضُ أَفْرَادِهِ بِالْإِرَادَةِ، إرَادَةً لِلْإِخْرَاجِ لَا إرَادَةً لِلِاسْتِعْمَالِ. فَهِيَ تُشْبِهُ الِاسْتِثْنَاءَ، فَلَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِأَوَّلِ اللَّفْظِ، وَلَا تَأْخِيرُهَا عَنْهُ، بَلْ يَكْفِي كَوْنُهَا فِي أَثْنَائِهِ، كَالْمَشِيئَةِ فِي الطَّلَاقِ.

وَهَذَا هُوَ مَوْضُوعُ خِلَافِهِمْ فِي أَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ مَجَازٌ أَوْ حَقِيقَةٌ، وَمَنْشَأُ التَّرَدُّدِ أَنَّ إرَادَةَ إخْرَاجِ بَعْضِ الْمَدْلُولِ هَلْ تُصَيِّرُ اللَّفْظَ مُرَادًا بِهِ الْبَاقِي أَوْ لَا؟ وَهُوَ يُقَوِّي كَوْنَهُ حَقِيقَةً لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى الْمَجَازِ، وَالنِّيَّةُ فِيهِ مُؤَثِّرَةٌ فِي نَقْلِ اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ إلَى غَيْرِهِ. وَمِنْ هُنَا يُعْرَفُ أَنَّ عَدَّ ابْنِ الْحَاجِبِ الْبَدَلَ فِي الْمُخَصَّصَاتِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، لِأَنَّ الْأَوْلَى فِي قَوْلِنَا: أَكَلَتْ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ أَنَّهُ مِنْ الْعَامِّ الْمُرَادِ بِهِ الْخُصُوصُ، لَا الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّحْوِيُّ فِي كِتَابِ " الْعَرَضُ وَالْآلَةُ ": إذَا أَتَى بِصُورَةِ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، فَهُوَ مَجَازٌ إلَّا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ إذَا صَارَ الْأَظْهَرُ الْخُصُوصَ، كَقَوْلِهِمْ: غَسَلْت ثِيَابِي، وَصَرَمْت نَخْلِي، وَجَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ، وَجَاءَتْ الْأَزْدُ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>