للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ ": لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ هُنَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُونَ، فَإِنَّ الْجَوَاهِرَ كُلَّهَا عِنْدَهُمْ مُتَجَانِسَةٌ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِجِنْسٍ يُسْتَثْنَى مِنْهُ بِلَفْظٍ لَمْ يُوضَعْ لِذَلِكَ الْجِنْسِ، نَحْوُ: مَالِي ابْنٌ إلَّا بِنْتٌ، فَإِنَّ لَفْظَ الِابْنِ غَيْرُ جِنْسِ لَفْظِ الْبِنْتِ.

وَقَالَ السُّهْرَوَرْدِيّ: لَا نَعْنِي بِالْجِنْسِ هُنَا الْمَنْطِقِيَّ، فَإِنَّ الثَّوْرَ مُجَانِسٌ لِلْإِنْسَانِ وَمُشَارِكٌ لَهُ فِي الْجِنْسِ الْأَقْرَبِ، بَلْ نَعْنِي بِهِ غَيْرَ الْمُشَارِكِ فِي الدُّخُولِ تَحْتَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ.

قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: الْأَصْلُ كَوْنُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَمَعْنَى الْمُجَانِسَةِ أَنْ لَا يُقْصَرَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْمُسْتَثْنَى فِي الْفِعْلِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ سَوَاءٌ كَانَ رَاجِحًا عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي " الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ": لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الدَّارِ إلَّا رَجُلٌ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَكَانَ فِي الدَّارِ شَاةٌ لَا يَحْنَثُ، لِقُصُورِ الشَّاةِ عَلَى الْآدَمِيِّ فِي الْكَيْنُونَةِ فِي الدَّارِ، لِأَنَّ كَيْنُونَةَ الْآدَمِيِّ، فِي الدَّارِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَالِاخْتِيَارِ، وَكَيْنُونَةَ الشَّاةِ بِطَرِيقِ الْقَصْرِ وَالتَّبَعِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الدَّارِ إلَّا شَاةً فَعَبْدُهُ حُرٌّ، فَكَانَ فِيهَا آدَمِيٌّ حَنِثَ، لِقُصُورِ الشَّاةِ عَنْ الْآدَمِيِّ فِي الْكَيْنُونَةِ.

الثَّانِي: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِهِ الِاسْتِثْنَاءَ مُخَصِّصًا يَشْمَلُ الْمُتَّصِلَ وَالْمُنْقَطِعَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لَا تَخْصِيصَ فِيهِ وَلَا بَيَانَ، لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُ مِنْ الْمُسْتَثْنَى شَيْئًا، وَإِنَّمَا هُوَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، فَإِنْ زَعَمَ الْخَصْمُ أَنَّهُ يُخَصَّصُ بِهِ، وَأَنَّهُ مَعَ الْمُسْتَثْنَى جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، فَذَلِكَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ لَا مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>