للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَتَعَلَّقَ بِالْجَمِيعِ، فَكَذَا الْمُتَأَخِّرُ. وَعَلَى هَذَا جَرَى ابْنُ مَالِكٍ فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ شَرْح التَّسْهِيلِ فَقَالَ: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَعَلُّقِ الشَّرْطِ بِالْجَمِيعِ فِي نَحْوِ: لَا تَصْحَبْ زَيْدًا وَلَا تَزُرْهُ وَلَا تُكَلِّمْهُ إنْ ظَلَمَنِي، وَاخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِثْنَاءِ. انْتَهَى. وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْقَفَّالُ وَالْمَاوَرْدِيُّ قَالَا: إلَّا أَنْ يَخُصَّهُ دَلِيلٌ.

وَنَقَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِيهِ اتِّفَاقَ أَصْحَابِنَا. لَكِنْ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ، أَنَّ الشَّرْطَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخِيرَةِ.

وَنَقَلَ أَصْحَابُ الْمُعْتَمَدِ " وَالْمَصَادِرِ " وَالْمَحْصُولِ " وِفَاقَ أَبِي حَنِيفَةَ لَنَا عَلَى ذَلِكَ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ ابْنَ كَجٍّ وَالْمَاوَرْدِيَّ حَكَيَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اخْتِصَاصَهُ بِالْأَخِيرَةِ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ غَلَطٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: ٨٩] إلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [المائدة: ٨٩] فَهُوَ عَائِدٌ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَا إلَى الرَّقَبَةِ.

وَمَثَّلَ الْقَفَّالُ وَالصَّيْرَفِيُّ لِتَخْصِيصِهِ بِبَعْضِ الْمَعْطُوفَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٣] فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَصَرَ الشَّرْطَ عَلَى الرَّبَائِبِ دُونَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ، لِدَلِيلٍ قَامَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ رَدُّهُ إلَى الْأُمَّهَاتِ، لِأَنَّ الشَّرْطَ لَوْ اقْتَرَنَ بِهِ لَمْ يَسْتَقِمْ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَامِ مَعْنًى، لِأَنَّ أُمَّهَاتِ نِسَائِنَا أُمَّهَاتُ أَزْوَاجِنَا، وَهِيَ نِسَاؤُكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>