للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَحِقُّونَهُ مَعَ الْغِنَى، بِخِلَافِ الْيَتَامَى فَإِنَّهُ شَرَطَ فِيهِمْ الْحَاجَةَ، فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الشَّرْطَ عِنْدَكُمْ إذَا نِيطَ بِآخِرِ الْكَلَامِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً رَجَعَ إلَى أَوَّلِهِ، وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عِنْدَكُمْ فِي الْيَتَامَى أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مَعَ الْحَاجَةِ، فَوَجَبَ عَوْدُ هَذَا الشَّرْطِ إلَى ذَوِي الْقُرْبَى. قِيلَ لَهُ: هَذَا قَوْلٌ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ خَطَأٌ، وَنَحْنُ نُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَنْطُوقِ بِهِ وَالْمَدْلُولِ عَلَيْهِ. هَذَا لَفْظُهُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ]

[الْمَسْأَلَةُ] الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: فَمَا يُفَارِقُ فِيهِ الشَّرْطُ الِاسْتِثْنَاءَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: الشَّرْطُ يَتَعَلَّقُ بِهِ إثْبَاتٌ وَنَفْيٌ، فَيَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ جِهَةِ إثْبَاتِهِمَا حُكْمًا وَنَفْيِهِمَا آخَرَ وَيَفْتَرِقَانِ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُخْرِجُ الْأَعْيَانَ، وَالشَّرْطُ يُخْرِجُ الْأَحْوَالَ. قَالَهُ ابْنُ الْفَارِضِ فِي النُّكَتِ ".

وَمِنْهَا: أَنَّ الشَّرْطَ يُثْبِتُ الْحُكْمَ فِي حَالِ وُجُودِهِ وَيَنْفِيهِ فِي حَالِ عَدَمِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَجْمَعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَرُبَّمَا يَتَقَدَّمُ الْحُكْمَ شَرْطٌ يَقُومُ الدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ إثْبَاتٌ وَلَا نَفْيٌ، وَيُصْرَفُ بِالدَّلِيلِ عَمَّا وُضِعَ لَهُ مِنْ الْحَقِيقَةِ كَآيَةِ الْعِدَّةِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ النُّطْقِ بِهِ فِي الزَّمَانِ عَنْ الْمَشْرُوطِ قَطْعًا، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى قَوْلٍ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْفَعَ جَمِيعَ الْمَنْطُوقِ بِهِ وَيَبْطُلَ حُكْمُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَيَجُوزَ أَنْ يَدْخُلَ الشَّرْطَ كَلَامٌ يُبْطِلُ جَمِيعَهُ بِالْإِجْمَاعِ كَقَوْلِهِ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إنْ دَخَلْتُنَّ الدَّارَ، فَلَا تَدْخُلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَيَبْطُلُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>