للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مَفْهُوم الْخِطَابُ]

الْخِطَابُ عَرَّفَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ بِأَنَّهُ الْكَلَامُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إفْهَامُ مَنْ هُوَ مُتَهَيِّئٌ لِلْفَهْمِ. وَعَرَّفَهُ قَوْمٌ بِأَنَّهُ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْإِفْهَامُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَصَدَ إفْهَامَهُ مُتَهَيِّئًا أَمْ لَا. قِيلَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِمَدْلُولِ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْإِفْهَامُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ هُوَ النَّفْسِيُّ، وَالنَّفْسِيُّ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْإِفْهَامُ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْخِطَابِ مَعَ النَّفْسِ أَوْ الْعَيْنِ سَوَاءٌ، وَفِي وَصْفِ كَلَامِ اللَّهِ فِي الْأَزَلِ بِالْخِطَابِ خِلَافٌ. الصَّحِيحُ: وَبِهِ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: أَنَّهُ يُسَمَّى خِطَابًا عِنْدَ وُجُودِ الْمُخَاطَبِ. قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ إلَّا مِنْ مُخَاطِبٍ وَمُخَاطَبٍ. وَكَلَامُهُ قَدِيمٌ فَلَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِالْحَادِثِ، وَتَابَعَهُ الْغَزَالِيُّ فِي " الْمُسْتَصْفَى " ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ يُسَمَّى أَمْرًا؟ فِيهِ خِلَافٌ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُسَمَّى بِهِ، إذْ يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ فِيمَنْ أَوْصَى أَوْلَادَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِمَالِهِ: فُلَانٌ أَمَرَ أَوْلَادَهُ بِكَذَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مُجْتَنًّا فِي الْبَطْنِ أَوْ مَعْدُومًا. وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: خَاطَبَهُمْ إلَّا إذَا حَضَرُوهُ وَسَمِعُوهُ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>