للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ فِي " الْبُرْهَانِ ": جَعَلَ صَاحِبُ " الْمَحْصُولِ " الْمُطْلَقَ وَالنَّكِرَةَ سَوَاءً، وَخَطَّأَ الْقُدَمَاءَ فِي حَدِّهِمْ لَهُ بِمَا سَبَقَ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْوَحْدَةَ وَالتَّعَيُّنَ قَيْدَانِ زَائِدَانِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ. قَالَ: وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَعْلَامُ الْأَجْنَاسِ كَأُسَامَةَ وَثُعَالَةَ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً. وَرَدَّ عَلَيْهِ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ "، وَقَالَ: لَمْ يَجْعَلْ الْإِمَامُ الْمُطْلَقَ وَالنَّكِرَةَ سَوَاءً، بَلْ غَايَرَ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْمُطْلَقَ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، وَالنَّكِرَةَ الدَّالُّ عَلَيْهَا بِقَيْدِ الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ، وَأَمَّا إلْزَامُهُ عِلْمَ الْجِنْسِ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّهُ وُضِعَ لِلْمَاهِيَّةِ الذِّهْنِيَّةِ بِقَيْدِ التَّشْخِيصِ الذِّهْنِيِّ بِخِلَافِ اسْمِ الْجِنْسِ. وَأَمَّا الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَا: إنَّهُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِقَيْدِ الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ كَالنَّكِرَةِ. قَالَ فِي " الْإِحْكَامِ ": الْمُطْلَقُ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُطْلَقُ مَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ، وَبِنَحْوِ ذَلِكَ عَرَّفَ النَّكِرَةَ فِي كُتُبِ النَّحْوِ، إلَّا أَنَّ الَّذِي دَعَا الْآمِدِيَّ إلَى ذَلِكَ هُوَ أَصْلُهُ فِي إنْكَارِ الْكُلِّيِّ الطَّبِيعِيِّ. وَأَمَّا ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ لَا يُنْكِرُهُ، بَلْ هُوَ مَعَ الْجُمْهُورِ فِي إثْبَاتِهِ؛ لَكِنَّ الدَّاعِيَ لَهُ إلَى ذَلِكَ مُوَافَقَةُ النُّحَاةِ فِي عَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ.

قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ النَّحْوِيِّ: النَّكِرَةُ: كُلُّ اسْمٍ دَلَّ عَلَى مُسَمَّاهُ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ، أَيْ فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِهَذَا وَلِهَذَا. اهـ. وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ يَعْنِي مُوَافَقَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلنُّحَاةِ، فَإِنَّ النُّحَاةَ إنَّمَا دَعَاهُمْ إلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُمْ فِي الْفَرْقِ، لِاشْتِرَاكِ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ فِي صِيَاغَةِ الْأَلْفَاظِ مِنْ حَيْثُ قَبُولُ " أَلْ " وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ، فَلَمْ يَحْتَاجُوا إلَى الْفَرْقِ، أَمَّا الْأُصُولِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ فَإِنَّهُمَا عِنْدَهُمْ حَقِيقَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>