للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَفْهُومُ الثَّانِي عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي سَائِمَةٍ غَيْرِ الْغَنَمِ كَالْبَقَرِ مَثَلًا، إذْ لَوْلَا تَقْيِيدُ السَّائِمَةِ بِإِضَافَتِهَا إلَى الْغَنَمِ لَشَمِلَهَا لَفْظُ السَّائِمَةِ. وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْغَنَمِ الْمَعْلُوفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا التَّرْكِيبِ الثَّانِي فَمِنْ بَابِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ، وَفِي هَذِهِ الدَّعْوَى نَظَرٌ.

[الثَّانِي اقْتَرَنَ بِالْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالصِّفَةِ حُكْمٌ مُطْلَقٌ]

الثَّانِي: هَذَا إذَا تَجَرَّدَتْ الصِّفَةُ عَنْ دَلِيلٍ آخَرَ، فَلَوْ اقْتَرَنَ بِالْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالصِّفَةِ حُكْمٌ مُطْلَقٌ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ": فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي دَلِيلِ الْمُقَيَّدِ بِالصِّفَةِ، هَلْ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فِي الْمُطْلَقِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَمِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩] قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا عِدَّةَ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَدَلِيلُهُ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: {فَمَتِّعُوهُنَّ} فَهَلْ يَكُونُ إطْلَاقُ الْمُتْعَةِ مَعْطُوفًا عَلَى الْعِدَّةِ فِي اشْتِرَاطِ الدُّخُولِ بِهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ تَصِيرُ الْمُتْعَةُ بِالْعَطْفِ عَلَى الْعِدَّةِ مَشْرُوطَةً بِعَدَمِ الدُّخُولِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: وَ " مَتِّعُوهُنَّ " لَا يُقَيَّدُ بِمَا تَقَدَّمَ. .

[الثَّالِثُ إنْكَارِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ]

الثَّالِثُ: قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ إنْكَارِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ هُنَا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرِدَ دَلِيلُ الْعُمُومِ، ثُمَّ يَرِدُ إخْرَاجُ فَرْدٍ مِنْهُ بِالْوَصْفِ، فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ الْغَنَمِ مُطْلَقًا، ثُمَّ وَرَدَ الدَّلِيلُ بِتَقَيُّدِهَا بِالسَّائِمَةِ، فَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَقْتَضِي نَفْيَ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهَا لِقِيَامِ دَلِيلِ الْعُمُومِ فَيَسْتَصْحِبُهُ، وَلَا يُجْعَلُ لِلتَّقْيِيدِ بِالْوَصْفِ أَثَرًا مَعَهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَرِدَ الْوَصْفُ مُبْتَدَأً كَمَا يَقُولُ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ الطِّوَالَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>