للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِصَحِيحٍ، فَقَدْ أَوْرَدَ هَذَا اللَّفْظَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي قَصِيدَتِهِ فِي " الْمَمْدُودِ وَالْمَقْصُورِ " فَقَالَ:

تُوصَى وَعَقْلُك فِي بَدَا ... فَكَذَاك رَأْيُك ذُو بَدَاءٍ

قَالَ التَّبْرِيزِيُّ: الْبَدَا الْمَقْصُورُ مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: إنَّهُ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ، وَالْبَدَاءُ الْمَمْدُودُ مِنْ قَوْلِهِمْ: بَدَا لِي فِي الْأَمْرِ، تُرِيدُ: تَغَيَّرَ رَأْيِي فِيهِ عَمَّا كَانَ. قُلْت: وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمُحْكَمِ " عَنْ سِيبَوَيْهِ، فَقَالَ: بَدَا الشَّيْءُ يَبْدُو بَدْوًا وَبُدُوًّا وَبَدَاءً، الْأَخِيرَةُ عَنْ سِيبَوَيْهِ. وَفِي " صِحَاحِ " الْجَوْهَرِيِّ: بَدَا لَهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ بَدَاءً مَمْدُودٌ. وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ، فَقَالَ: صَوَابُهُ بَدَاءٌ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي " الرَّوْضِ ": الْمَصْدَرُ الْبُدُوُّ وَالْبَدْوُ، وَالِاسْمُ الْبَدَاءُ. وَلَا يُقَالُ فِي الْمَصْدَرِ بَدَا لَهُ بُدُوٌّ، كَمَا لَا يُقَالُ: ظَهَرَ لَهُ ظُهُورٌ بِالرَّفْعِ، لِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ وَيَبْدُو هَاهُنَا هُوَ الِاسْمُ، نَحْوُ الْبَدَاءِ. قَالَ: وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ الْبُدُوَّ الظُّهُورُ كَانَ الْبَدَاءُ فِي وَصْفِ الْبَارِئِ سُبْحَانَهُ مُحَالًا، لِأَنَّهُ لَا يَبْدُو لَهُ شَيْءٌ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ، وَقَدْ يَجِيءُ بَدَا بِمَعْنَى أَرَادَ مَجَازًا كَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي الثَّلَاثَةِ: الْأَقْرَعُ وَالْأَعْمَى وَالْأَبْرَصُ، وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>