للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ، وَمَنَعَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي كِتَابِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَقَعْ قَطُّ إلَّا فِي الْوَقْتِ الثَّانِي. قَالَ: وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ نَسْخًا لِلتَّخَلُّصِ مِنْ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ لَجَازَ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْبَقَرَةِ حِينَ أُمِرُوا بِذَبْحِهَا حَتَّى رَاجَعُوا، وَعَيَّنَ لَهُمْ فَرَدُّوا، فَيَنْبَغِي تَسْمِيَتُهُ نَسْخًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ حَادِثٌ بَعْدَ الْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ قَدْ وُجِّهَ بِهِ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الَّذِي لَمْ يُوَاجَهْ بِهِ الْمَفْرُوضُ عَلَيْهِ، وَلَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ. قَالَ: وَلَا يُسَمِّي أَحَدٌ هَذَا نَسْخًا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ النَّسْخُ فِي السَّمَاءِ إذَا كَانَ هُنَاكَ تَكْلِيفٌ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُسْرِيَ بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، كَنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَدَاءً، خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَمَنَعُوا كَوْنَ الْإِسْرَاءِ يَقَظَةً. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي كِتَابِ " النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ " تَأْلِيفُهُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اسْتَجَازَ أَنْ يُطْلَقَ اللَّفْظُ بِنَسْخِ الشَّيْءِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ. قِيلَ: الْقَاشَانِيُّ يُسَمِّي الرُّجُوعَ مِنْ خَمْسِينَ صَلَاةً إلَى خَمْسٍ نَسْخًا، فَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِك الْأُمَّةَ. انْتَهَى. .

[الْقِسْمُ الثَّانِي النَّسْخُ بَعْدَ عِلْمِ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ بِوُجُوبِهِ]

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ عِلْمِ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ بِوُجُوبِهِ، وَهَذِهِ هِيَ مَسْأَلَةُ الْمِعْرَاجِ، وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُهَا، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>